149

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

فَهَذَا الرَّبُّ الَّذِي لَهُ هَذَا الْجُنْدُ الْعَظِيمُ وَلَا يَتَنَزَّلُونَ إِلَّا بِأَمْرِهِ، وَهُوَ الْمَالِكُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي كَمُلَتْ قُدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ وَمُلْكُهُ وَكَمُلَ عِلْمُهُ، فَلَا يَنْسَى شَيْئًا أَبَدًا، وَهُوَ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، كَمَا هُوَ الْخَالِقُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ رَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، فَهَذَا الرَّبُّ هُوَ الَّذِي لَا سَمِيَّ لَهُ لِتَفَرُّدِهِ بِكَمَالِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، فَأَمَّا مَنْ لَا صِفَةَ لَهُ وَلَا فِعْلَ وَلَا حَقَائِقَ لِأَسْمَائِهِ، إِنْ هِيَ إِلَّا أَلْفَاظٌ فَارِغَةٌ مِنَ الْمَعَانِي، فَالْعَدَمُ سَمِيٌّ لَهُ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَقِبَ ذِكْرِ كَمَالِ أَوْصَافِهِ فَقَالَ: ﴿حم - عسق - كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ - تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ [الشورى: ١ - ٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] .
فَهَذَا الْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالْعُلُوِّ وَالْعَظَمَةِ وَالْحِفْظِ وَالْعِزَّةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمُلْكِ وَالْحَمْدِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْكَلَامِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْوِلَايَةِ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ الشَّامِلَةِ، وَالْحُكْمِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَكَوْنِهِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لِكَثْرَةِ نُعُوتِهِ وَأَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَثُبُوتِهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ شَيْءٌ، فَالْمُثْبِتُ لِصِفَاتِ كَمَالِهِ هُوَ الَّذِي يَصِفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا الْمُعَطِّلُ النَّافِي لِصِفَاتِهِ وَحَقَائِقِ أَسْمَائِهِ فَإِنَّ وَصْفَهُ بِأَنَّهُ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، كَمَا يَقُولُ فِي سَائِرِ أَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ.
[أحسن ما قيل في المثل الأعلى]
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَلَاثُونَ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّ لَهُ الْمَثَلَ الْأَعْلَى فَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النحل: ٦٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الروم: ٢٧] فَجَعَلَ مَثَلَ السَّوْءِ الْمُتَضَمِّنِ لِلنَّقَائِصِ وَسَلْبِ الْكَمَالِ

1 / 164