مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن الموصلی d. 774 AH
146

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

الْمَخْلُوقِينَ، وَاسْتَحَقَّ بِقِيَامِهَا أَنْ يَكُونَ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وَهَكَذَا كَوْنُهُ لَيْسَ لَهُ سَمِيٌّ، أَيْ: مَثِيلٌ يُسَامِيهِ فِي صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَلَا مَنْ يُكَافِيهِ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ مَسْلُوبَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالْكَلَامِ وَالِاسْتِوَاءِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَمَنْفِيًّا عَنْهُ مُبَايَنَةُ الْعَالَمِ وَمُحَايَثَتُهُ وَاتِّصَالُهُ بِهِ وَانْفِصَالُهُ عَنْهُ وَعُلُوُّهُ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ يَمْنَتَهُ أَوْ يَسْرَتَهُ، أَوْ أَمَامَهُ أَوْ وَرَاءَهُ، لَكَانَ كُلُّ عَدَمٍ مِثْلًا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ قَدْ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ مُمَاثَلَةَ الْمَوْجُودَاتِ، وَأَثْبَتَ لَهَا مُمَاثَلَةَ الْمَعْدُومَاتِ، فَهَذَا النَّفْيُ وَاقِعٌ عَلَى أَكْمَلِ الْمَوْجُودَاتِ وَعَلَى الْعَدَمِ الْمَحْضِ، فَإِنَّ الْمَحْضَ لَا مِثْلَ لَهُ وَلَا كُفْءَ وَلَا سَمِيَّ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَتَكَلُّمِهِ بِالْوَحْيِ وَتَكْلِيمِهِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لَكَانَ ذَلِكَ وَصْفًا لَهُ بِغَايَةِ الْعَدَمِ، فَهَذَا النَّفْيُ وَاقِعٌ عَلَى الْعَدَمِ الْمَحْضِ، وَعَلَى مَنْ كَثُرَتْ أَوْصَافُ كَمَالِهِ حَتَّى تَفَرَّدَ بِذَلِكَ الْكَمَالِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ فِي كَمَالِهِ وَلَا سَمِيٌّ وَلَا كُفْءٌ. فَإِذَا أَبْطَلْتُمْ هَذَا الْمَعْنَى الصَّحِيحَ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْبَاطِلَ قَطْعًا، وَصَارَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِصِفَةٍ أَصْلًا فَلَا يَفْعَلُ فِعْلًا، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا يَدَ، وَلَا يَسْمَعُ، وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يَعْلَمُ، وَلَا يَقْدِرُ، تَحْقِيقًا لِمَعْنَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وَقَالَ إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ: لَيْسَ لَهُ ذَاتٌ أَصْلًا، تَحْقِيقًا لِهَذَا النَّفْيِ، وَقَالَ غُلَاتُهُمْ: لَا وُجُودَ لَهُ، تَحْقِيقًا لِهَذَا النَّفْيِ، وَأَمَّا الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ حَيٌّ وَلَهُ حَيَاةٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَلَهُ الْقُوَّةُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي قُوَّتِهِ ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَمُتَكَلِّمٌ، وَلَهُ يَدَانِ، وَمُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ مِثْلٌ، فَهَذَا النَّفْيُ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِإِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، فَإِنَّهُ مَدْحٌ لَهُ وَثَنَاءٌ أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَا يُمْدَحُ بِهِ أَحَدٌ وَلَا يَكُونُ كَمَالًا لَهُ، بَلْ هُوَ أَنْقَصُ النَّقْصِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَمَالًا إِذَا تَضَمَّنَ الْإِثْبَاتَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] لِكَمَالِ حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ، وَقَوْلِهِ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] لِكَمَالِ غِنَاهُ وَمُلْكِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦]، ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩] لِكَمَالِ غِنَاهُ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨] لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [يونس: ٦١]

1 / 161