123

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پژوهشگر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

وَأَمَّا الْأَبْعَاضُ فَمُرَادُهُمْ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ وَلَا يَدَانِ؟ وَلَا يَمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبْعَاضٌ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْأَبْعَاضِ. وَأَمَّا الْحُدُودُ وَالْجِهَاتُ فَمُرَادُهُمْ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ رَبٌّ، وَلَا عَلَى الْعَرْشِ إِلَهٌ، وَلَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ إِلَى فَوْقٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِهِ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، وَلَا رَفَعَ الْمَسِيحَ إِلَيْهِ، وَلَا عَرَجَ بِرَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ إِلَيْهِ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ إِثْبَاتُ الْحُدُودِ وَالْجِهَاتِ لَهُ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا حُلُولُ الْحَوَادِثِ فَيُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَلَا يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَلَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَجِيءُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَاضِيًا، وَلَا يَرْضَى بَعْدَ أَنْ كَانَ غَضْبَانَ، وَلَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ الْبَتَّةَ، وَلَا أَمْرٌ مُجَدَّدٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا يُرِيدُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُرِيدًا لَهُ، فَلَا لَهُ كُنْ حَقِيقَةً، وَلَا اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَوِيًا، وَلَا يَغْضَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يُنَادِيَ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُنَادِيًا، وَلَا يَقُولُ لِلْمُصَلِّي إِذَا قَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا حَوَادِثُ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ حُلُولِ الْحَوَادِثِ. وَقَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: نَحْنُ نُثْبِتُ قَدِيمًا وَاحِدًا، وَمُثْبِتُو الصِّفَاتِ يُثْبِتُونَ عِدَّةَ قُدَمَاءَ، قَالَ: وَالنَّصَارَى أَثْبَتُوا ثَلَاثَةَ قُدَمَاءَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَكَفَّرَهُمْ، فَكَيْفَ مَنْ أَثْبَتَ سَبْعَةَ قُدَمَاءَ أَوْ أَكْثَرَ؟ فَانْظُرْ إِلَى هَذَا التَّدْلِيسِ وَالتَّلْبِيسِ الَّذِي يُوهِمُ السَّامِعَ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا قُدَمَاءَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا أَثْبَتُوا قَدِيمًا وَاحِدًا بِصِفَاتِهِ، وَصِفَاتُهُ دَاخِلَةٌ فِي اسْمِهِ، كَمَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَثْبَتُوا إِلَهًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَجْعَلُوا كُلَّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ إِلَهًا بَلْ هُوَ الْإِلَهُ الْوَاحِدُ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مُتَلَقًّى مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى الْمُكَذِّبِينَ لِرَسُولِهِ حَيْثُ قَالُوا: يَدْعُو مُحَمَّدٌ إِلَى إِلَهٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا اللَّهُ يَا سَمِيعُ يَا بَصِيرُ، فَيَدْعُو آلِهَةً

1 / 138