نعم لا بأس بإطعام الفاسق وأكل طعامه ونحو ذلك مع إظهار كراهة فعله والقيام بواجب الانكار عليه، وليس من المداهنة تعظيم أهل الشرف من العصاة رجاء لرجوعهم إلى الخير أو لنصرتهم للحق أو لخذلهم للباطل وغير ذلك من المصالح الدينية، لأن أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم مع الكفار من هذا القبيل شاهرة ظاهرة حتى أفرش رداءه لجماعة منهم، وأما تعظيم من تلك صفته لمصلحة تخص المعظم من تحصيل نفع أو دفع ضرر عنه فلا يجوز، فيقبح تعظيمهم وقصد نفعهم أو دفع الضرر عنهم وغير ذلك من لوازم المودة، ومن محرمات هذا النوع مواصلة أمراء الجور والمشي إليهم وتعظيمهم وتهنئتهم لما تقدم في الخبر، وأما إتيانهم لمجرد وعظ أوتذكير أو أمر بمعروف أو نحو ذلك فلا إشكال في حسنه، ولكن ذلك مشروط بأن يعلم قصده وألا يظن به إرادة تعظيم للظالم، وإلا وجب تركه لمعارضة المفسدة المصلحة .
نعم لو أن الظالم وصل إلى الفاضل أوالعالم تعظيما له فلا بأس بالقيام له تعظيما وتلقيه مكافأة له، أو لمصلحة دينية كاستدعائه بذلك إلى تعظيم الفضلاء ما لم تعارض المصلحة مفسدة راجحة أو مساوية، وأما إطعامهم وإنزالهم فتفضل وإحسان لا تعظيم فلا تحريم، وإنما وقع تطويل الكلام في هذا النوع لغفلة الناس عنها وعدم تحرجهم عن موالاة أعداء الله ومداهنتهم وتعظيمهم، بل قد صار العز عندهم التقرب إليهم بأي نوع وسبب والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
صفحه ۷۷