وقد يحسن من العالم الخامل الذكر أن يعتني بإظهار علمه بنحو أن يتكلم في المجامع بالمسائل الغامضة، ويتظهر بالتدريس ليقصده الناس ليقع الإنتفاع بعلمه لأنه نوع من الأمر بالمعروف، ويفعل ذلك لقصد دفع الاستخفاف به المنهي عنه، وحطه عن درجته التي يستحقها لأنه نوع من النهي عن المنكر.
قال الإمام عز الدين عليه السلام: الخطر في مثل هذا عظيم، وقل من يعرف ما في هذا الشأن من دقائق البوائق، وقد يلبس الشيطان على الإنسان فيخيل إليه أنه يفعل ذلك على الوجه المستحسن وهو في الحقيقة على الوجه المستقبح لخبث الطبائع وطموح الغرائز إلى طلب الشرف، فالحذر من الاغترار.
ومن المكاثرة: التفاخر بالآباء والأجداد والأقارب الذين شرفوا بالأمور الدنيوية لا بالدينية فلا بأس، إذ فيه رفع لمنار الدين .
ومن المكاثرة رفع البنيان والزخرفة فوق القدر المحتاج إليه قصدا للتطاول على من لا يتمكن من ذلك .
فإذا عرفت الرياء وأنواعه فاعلم أن علامة المرائي التي ينبغي أن لا تعزب عن خاطر الإنسان كل لحظة وطرفة فتسلم من خطرات الرياء إن شاء الله ما قاله الوصي عليه السلام: (للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه، وينقص إذا ذم).
وأما دواء هذه الآفة فهو أن تعود نفسك القناعة وقطع الطمع وإسقاط نفسك فلا ترى لها وزنا في نفسك، فالشيطان اللعين لا يترك مجاهدتك بل يعارضك في كل طرفة ولحظة بخطرات الرياء، ولا يترك عنك نزغاته، فاحذر من مكائده وزلاته.
صفحه ۷۰