وعلم الباطن: وهي أفعال القلوب المهلكة المشار إليها في قول الله تعالى: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه}[الأنعام: 120]، ومن لم يعرف علم الباطن، ولم يتحرز عنه هلك، فوجب أن يجعل له في علم الحلال والحرام بابا يتضمن تفصليها ليقع التحرز من الإثم الباطن كما يجب التحرز من الظاهر، وجملة ما نذكر منها تسعة عشر نوعا من عمل بها أو بواحدة منها فقد غرق في بحار الهلكات لأدلة وأمارات من الأخبار والآيات.
النوع الأول: الكبر
وهو اعتقاد أن النفس تستحق من التعظيم فوق ما يستحقه غيرها، ممن لا يعلم استحقاقه الإهانة اعتقادا من غير علم.
ومن التكبر الاستخفاف بمن لا يعلم فسقه، والترفع عن شيء مما يستحقه الوالد والإمام والعالم والزوج من (التعظيم).
[حقوق الأب على ابنه والعكس]
فالوالد يستحق التعظيم بالتواضع له ولين الجناب، وطاعته فيما أراد مما لا يكون معصية [لله]، ونحو ذلك من أنواع التعظيم.
وعلى الجملة فإنه لا ينبغي أن يؤذي أبويه بحال، وأن يسمع ما قالاه ما لم يكن معصية، وأن لا يدعوهما باسمهما ولا بالكنية، بل يا أباه ويا أماه، وأن يسرع في إجابتهما ويقول: لبيكما، ويدعو لهما بالصلاح والهدى إذا كانا حيين، وبالمغفرة إذا كان ميتين.
وهذا كله مع صلاحهما، فإن كانا كافرين أو فاسقين وجب أن لا يتولاهما ولا يعظمهما بالتعظيم البالغ الكلي، بل يصاحبهما في الدنيا معروفا، وينبغي البراءة منهما كما تبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه، إلا أنه لا يحسن سبهما ولعنهما، فهذه حقوق الوالدين على الولد .
صفحه ۶۲