رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا (1) .
ومن ذلك أن بعضهم لا يوقد خشب الطرفاء، لأنه أبلغه أن دم الحسين وقع على شجرة من الطرفاء. ومعلوم أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها ولو كان عليها من أي دم كان، فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم؟
ومن حماقاتهم ما يطول وصفها ولا يحتاج أن تنقل بإسناد، ولكن ينبغي أن يعلم مع هذا أن المقصود أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا، من عهد التابعين وتابعيهم كما ثبت بعض ذلك، إما عن الشعبي، وإما أن يكون من كلام عبد الرحمن، وعلى التقديرين فإن المقصود حاصل، فإن عبد الرحمن كان في زمن تابعي التابعين.
وإنما ذكرنا هذا لأن عبد الرحمن كثير من الناس لا يحتج بروايته المفردة، إما لسوء حظه، وإما لتهمته في تحسين الحديث، وإن كان له علم ومعرفة بأنواع من العلوم، ولكن لا يصلح للاعتضاد، والمتابعة، كمقاتل بن سليمان، ومحمد بن عمر الواقدي، وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة، وإن كان المخبرون من أهل الفسوق، إذا لم يحصل بينهم تشاغر وتواطؤ.
والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله، وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به.
فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فإن غاية ما فيه أنه قاله ذاكرا الأثر وعبد الرحمن هذا يروي عن أبيه، وعن الأعمش، وعن عبيد الله بن عمر، ولا يحتج بمفرداته، فإنه ضعيف. ومما ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة، وإن كان أضعاف ما ذكرناه لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الاثني عشرية، ولا في الزيدية ولكن يكون كثير منه في الغالية، وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر عنهم من تحريم لحم
صفحه ۲۷