كتاب الأذكار والدعوات وغيرها
اعلم: أنه ليس بعد تلاوة القرآن عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله ﷾، ورفع الحوائج بالأدعية الخالصة إليه تعالى، ويدل على فضل الذكر قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢] وقوله: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ (١) [آل عمران: ١٩٠] وقوله: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥].
وعن النبى ﵌ أنه قال: "إن الله ﷿ يقول: أنا مع عبدى ما ذكرني وتحركت بى شفتاه".
وفي أفراد مسلم عنه ﵌ أنه قال: "لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة (٢) وذكرهم الله فيمن عنده (٣) " وفى ذلك أحاديث كثيرة مذكورة في فضائل الأعمال.
وعن أبى هريرة ﵁، عن النبى ﵌ قال: "ما جلس قوم مجلسًا فتفرقوا على غير ذكر الله ﷿، إلا تفرقوا عن مثل جيفة الحمار، وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة".
وفى حديث آخر. "لا يجلس قوم مجلسًا لا يذكرون الله ﷿ ولا يصلون على النبى ﵌ إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة".
وأما فضيلة الدعاء: فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه، عن النبى ﵌ أنه قال: "ليس شئ أكرم على الله ﷿ من الدعاء" و"أشرف
_________
(١) قال ابن الجوزى في تفسير "زاد المسير" ١/ ٥٢٧ بتحقيقنا طبع المكتب الإسلامي بدمشق: قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ في الذكر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الذكر في الصلاة يصلى قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب، هذا قول على وابن مسعود وابن عباس وقتادة.
الثانى: أنه الذكر في الصلاة وغيرها، وهو قول طائفة من المفسرين.
الثالث: أنه الخوف، فالمعنى: يخافون الله قيامًا في تصرفهم، وقعودًا في دعتهم، وعلى جنوبهم في قيامهم. وتبين من هذا أن الآية ليس فيها مستدل لمن يجوز الرقص في حلقات الذكر.
(٢) السكينة: الوقار.
(٣) يعنى الملائكة المقربين: والمراد من العندية: الرتبة.
1 / 55