ليصرف عن نفسه الكسل والنوم، أو ليوقظ الوسنان (١).
فأما حكم القراءة في الصلاة، ومقدار ما يقرأ في صلاة الفرض، وموضع الجهر والإسرار فذلك معروف مشهور في كتب الفقه.
ومن كان عنده مصحف ينبغي له أن يقرأ فيه كل يوم آيات يسيرة لئلا يكون مهجورًا.
وينبغى لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه بى إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم، وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه، فإن التدبر هو المقصود من القراءة، وإن لم يحصل التدبر إلا بترداد الآية، فليرددها، فقد روى أبو ذر رضى الله عنه عن النبى ﵌ أنه قام ليلة بآية يرددها ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ﴾ [المائدة: ١١٨] وقام تميم الداري ﵁ بآية وهي قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الجاثية: ٢١] وكذلك قام بها الربيع بن خثيم رحمة الله عليه ليلة.
وينبغى للتالي أن يستوضح من كل آية ما يليق بها، ويتفهم ذلك، فإذا تلا قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١] فليعلم عظمته ويتلمح قدرته في كل ما يراه.
وإذا تلا: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ﴾ [الواقعة: ٥٨] فليتفكر في نطفة متشابهة الأجزاء، كيف تنقسم إلى لحم وعظم، وعرق وعصب، وأشكال مختلفة من رأس ويد، ورجل، ثم إلى ما ظهر فيها من الصفات الشريفة كالسمع، والبصر، والعقل، وغير ذلك، فيتأمل هذه العجائب.
وإذا تلا أحوال المكذبين فليستشعر الخوف من السطوة إن غفل عن امتثال الأمر.
وليتخلى التالي من موانع الفهم، مثل أن يخيل الشيطان إليه أنه ما حقق تلاوة الحرف ولا أخرجه من مخرجه، فيكرره التال، فيصرف همته عن فهم المعنى. ومن ذلك أن يكون التالي مصرًا على ذنب، أو متصفًا بكبر، أو مبتلى بهوى
_________
(١) الوسن: النعاس، والوسنان: كثير النعاس.
1 / 53