حلتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد بى درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما كان يقرأ، هذا كان (١) أو ترتيلًا (٢) ".
قال ابن مسعود رضى الله عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون.
ولا ينبغي أن يكون جافيًا ولا غافلًا ولا صخابًا (٣) ولا حديدًا.
وقال الفضيل ﵀: حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلغو مع من يلغو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلهو مع من يلهو، تعظيمًا لله تعالى.
ولا ينبغي أن يكون له إلى أحد حاجة، بل ينبغي أن تكون حوائج الناس إليه.
وقال الإمام أحمد بن حنبل ﵀: رأيت رب العزة بى المنام، فقلت: يا رب، ما أقرب ما يتقرب به إليك المتقربون؟ فقال: بكلامي يا أحمد، فقلت: يارب بفهم أو بغير فهم؟ فقال: بفهم وبغير فهم.
١ - فصل في آداب التلاوة
ينبغي لقارئ القرآن أن يكون على وضوء، مستعملًا للأدب، مطرقًا غير متربع ولا متكئ، ولا جالس على هيئة المتكبر (٤).
وأفضل الأحوال: أن يقرأ في الصلاة قائمًا، وأن يكون في المسجد.
فأما مقدار القراءة، فقد اختلفت فيها عادات السلف، فمنهم من كان يختم كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في اليوم والليلة أكثر رأيتهم ذلك، ومنهم من كان يختم
_________
(١) أي بسرعة.
(٢) أخرجه أحمد ٥/ ٣٤٨، والدارمى ٢/ ٤٥٠،٤٥١ من حديث أبى نعيم، ثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبية بريدة. وبشير بن المهاجر لين الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به، وباقي رجاله ثقات.
(٣) الصخب: شدة الصوت، والحديد: شديد الغضب.
(٤) ومن آياته أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالًا للقرآن وأن يكون مصونًا عن الأكساب، شريف النفس، مترفعا عن الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا متواضعًا لأهل الخير والمساكين، وأن يكون متخشعًا ذا سكينة "تبيان".
1 / 51