[الحمد] هو الثناء باللسان على قصد التعظيم سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها، والشكر فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالاركان، فمورد الحمد لا يكون الا اللسان ومتعلقه يكون النعمة وغيرها ومتعلق الشكر لا يكون الا النعمة ومورده يكون اللسان وغيره فالحمد اعم من الشكر باعتبار المتعلق واخص منه باعتبار المورد والشكر بالعكس. [لله] هو اسم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، والعدول إلى الجملة للدلالة على الدوام والثبات، وتقديم الحمد باعتبار انه اهم نظر إلى كون المقام مقام الحمد كما ذهب إليه صاحب الكشاف في تقديم الفعل في قوله تعالى [اقرأ باسم ربك] على ما سيجئ بيانه، وان كان ذكر الله اهم نظرا إلى ذاته. (على ما انعم) أي على انعامه، ولم يتعرض للمنعم به ايهاما لقصور العبارة عن الاحاطة به ولئلا يتوهم اختصاصه بشئ دون شئ. [وعلم] من عطف الخاص على العام رعاية لبراعة الاستهلال وتنبيها على فضيلة نعمة البيان (من البيان) بيان لقوله [ما لم نعلم] قدم رعاية للسجع، والبيان هو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير والصلاة على سيدنا محمد خير من نطق بالصواب وافضل من اوتى الحكمة هي علم الشرائع وكل كلام وافق الحق، وترك فاعل الايتاء لان هذا الفعل لا يصلح الا لله تعالى وفصل الخطاب اي الخطاب المفصول البين الذى يتبينه من يخاطب به ولا يلتبس عليه أو الخطاب الفاصل بين الحق والباطل وعلى آله اصله اهل بدليل اهيل، خص استعماله في الاشراف واولى الخطر (الاطهار) جمع طاهر كصاحب واصحاب وصحابته الاخيار جمع خير بالتشديد. (اما بعد) هو من الظروف المبنية المنقطعة عن الاضافة اي بعد الحمد والصلاة، والعامل فيه اما لنيابتها عن الفعل، والاصل مهما يكن من شئ بعد الحمد والصلاة، ومهما ههنا مبتدأ والاسمية لازمة للمبتدأ ويكن شرط والفاء لازمة له غالبا فحين تضمنت اما معنى الابتداء والشرط لزمتها الفاء ولصوق الاسم اقامة للازم مقام الملزوم وابقاء لاثره في الجملة. (فلما) هو ظرف بمعنى إذا يستعمل استعمال الشرط ويليه فعل ماض لفظا أو معنى (كان علم البلاغة) هو المعاني والبيان (و) علم (توابعها) هو البديع (من اجل العلوم قدرا وادقها سرا اذبه) اي بعلم البلاغة وتوابعها لا بغيره من العلوم كاللغة والصرف والنحو (تعرف دقايق العربية واسرارها) فيكون من ادق العلوم سرا. (ويكشف عن وجوه الاعجاز في نظم القرآن استارها) أي: به يعرف ان القرآن معجز لكونه في اعلى مراتب البلاغة لاشتماله على الدقائق والاسرار والخواص الخارجة عن طوق البشر وهذا وسيلة إلى تصديق النبي عليه السلام، وهو وسيلة إلى الفوز بجميع السعادات فيكون من اجل العلوم لكون معلومه وغايته من اجل المعلومات والغايات. وتشبيه وجوه الاعجاز بالاشياء المحتجبة تحت الاستار استعارة بالكناية واثبات الاستار لها استعارة تخييلية وذكر الوجوه ايهام أو تشبيه الاعجاز بالصور الحسنة استعارة بالكناية واثبات الوجوه استعارة تخييلية، وذكر الاستار ترشيح ونظم القرآن تأليف كلماته، مترتبة المعاني، متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل لاتواليها في النطق وضم بعضها إلى بعض كيف ما اتفق. (وكان القسم الثالث من مفتاح العلوم الذي صنفه الفاضل العلامة أبو يعقوب يوسف السكاكي اعظم ما صنف فيه) أي في علم البلاغة وتوابعها (من الكتب المشهورة) بيان لما صنف. (نفعا) تميز من اعظم (لكونه) أي القسم الثالث (احسنها) أي احسن الكتب المشهورة (ترتيبا) هو وضع كل شئ في مرتبته (و) لكونه (آتمها تحريرا) هو تهذيب الكلام (واكثرها) أي اكثر الكتب (للاصول) هو متعلق بمحذوف يفسره قوله (جمعا) لان معمول المصدر لا يتقدم عليه والحق جواز ذلك في الظروف لانها مما يكفيه رائحة من الفعل. (ولكن كان) أي القسم الثالث (غير مصون) أي غير محفوظ (عن الحشو) وهو الزائد المستغنى عنه (والتطويل) وهو الزيادة على اصل المراد بلا فائدة وستعرف الفرق بينهما في باب الاطناب (والتعقيد) وهو كون الكلام مغلقا لا يظهر معناه بسهولة (قابلا) خبر بعد خبر أي كان قابلا (للاختصار) لما فيه من التطويل (مفتقرا) أي محتاجا (إلى الايضاح) لما فيه من التعقيد (و) إلى (التجريد) عما فيه من الحشو. (الفت) جواب لما: (مختصرا يتضمن ما فيه ) أي في القسم الثالث (من القواعد) جمع قاعدة وهى حكم كلى ينطبق على جميع جزئياته ليعرف احكامها منه كقولنا كل حكم منكر يجب توكيده. (ويشتمل على ما يحتاج إليه من الامثلة) وهى الجزئيات المذكورة لايضاح القواعد (والشواهد) وهى الجزئيات المذكورة لاثبات القواعد فهى اخص من الامثلة. (ولم آل) من الالو وهو التقصير (جهدا) أي اجتهادا وقد استعمل الا لو في قولهم لا آلوك جهدا متعديا إلى مفعولين وحذف ههنا المفعول الاول والمعنى لم امنعك جهدا (في تحقيقه) أي في المختصر يعنى في تحقيق ما ذكر فيه من الابحاث (وتهذيبه) أي تنقيحه. (ورتبته) أي المختصر (ترتيبا اقرب تناولا) أي اخذا (من ترتيبه) أي من ترتيب السكاكى أو القسم الثالث اضافة للمصدر إلى الفاعل أو المفعول (ولم ابالغ في اختصار لفظه تقريبا) مفعول له تضمنه معنى لم ابالغ أي تركت المبالغة في الاختصار تقريبا (لتعاطيه) أي تناوفه (وطلبا لتسهيل فهمه على طالبيه) والضمائر للمختصر وفى وصف مؤلفه بانه مختصر منقح سهل المأخذ تعريض بانه لا تطويل فيه ولا حشو ولا تعقيد كما في القسم الثالث. (واضفت إلى ذلك) المذكور من القواعد وغيرها (فوائد عثرت) أي اطلعت (في بعض كتب القوم عليها) أي على تلك الفوائد (وزوائد لم اظفر) أي لم افز (في كلام احد بالتصريح بها) أي بتلك الزوائد (ولا الاشارة إليها) بان يكون كلامهم على وجه يمكن تحصيلها منه بالتبعية وان لم يقصدوها. (وسميته تلخيص المفتاح) ليطابق اسمه معناه (وانا اسأل الله تعالى) قدم المسند إليه قصدا إلى جعل الواو للحال (من فضله) حال من (ان ينفع به) أي بهذا المختصر (كما نفع باصله) وهو المفتاح والقسم الثالث منه. (انه) أي الله (ولي ذلك) النفع (وهو حسبي) أي محسبي وكافى (ونعم الوكيل) اما عطف على جملة هو حسبى والمخصوص محذوف واما على حسبى أي وهو نعم الوكيل فالمخصوص هو الضمير المتقدم على ما صرح به صاحب المفتاح وغيره في نحو زيد نعم الرجل وعلى كلا التقديرين يلزم عطف الانشاء على الاخبار .
صفحه ۱۲