(واصل الخطاب ان يكون لمعين) واحدا كان أو اكثر لان وضع المعارف على ان تستعمل لمعين مع ان الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر (وقد يترك) الخطاب مع معين (إلى غيره) أي غير معين (ليعم) الخطاب (كل مخاطب) على سبيل البدل (نحو ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم) لا يريد بقوله ولو ترى إذ المجرمون مخاطبا معينا قصدا إلى تفظيع حالهم (أي تناهت حالهم في الظهور) لاهل المحشر إلى حيث يمتنع خفاؤها فلا يختص بها رؤية راء دون راء. وإذا كان كذلك (فلا يختص به) أي بهذا الخطاب (مخاطب) دون مخاطب بل كل من يتأتى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب وفي بعض النسخ فلا يختص بها أي برؤية حالهم مخاطب أو بحالهم رؤية مخاطب على حذف المضاف. (وبالعلمية) أي تعريف المسند إليه بايراده علما وهو ما وضع لشئ مع جميع مشخصاته (لاحضاره) أي المسند إليه (بعينه) أي بشخصه، بحيث يكون متميزا عن جميع ما عداه. واحترز بهذا عن احضاره باسم جنسه نحو رجل عالم جاءني (في ذهن السامع ابتداء) أي اول مرة واحترز به عن نحو جاءني زيد وهو راكب (باسم مختص به) أي بالمسند إليه بحيث لا يطلق باعتبار هذا الوضع على غيره. واحترز به عن احضاره بضمير المتكلم أو المخاطب أو اسم الاشارة أو الموصول أو المعرف بلام العهد أو الاضافة وهذه القيود لتحقق مقام العلمية والا فالقيد الاخير مغن عما سبق. وقيل احترز بقوله ابتداء، عن الاحضار بشرط التقدم، كما في المضمر الغائب والمعرف بلام العهد والموصول فانه يشترط تقدم ذكره أو تقدم العلم بالصلة. وفيه نظر لان جميع طرق التعريف كذلك حتى العلم فانه مشروط بتقدم العلم بالوضع (نحو قل هو الله احد) فالله اصله الاله حذفت الهمزة وعوضت عنها حرف التعريف ثم جعل علما للذات الواجب الوجود الخالق للعالم. وزعم انه اسم لمفهوم الواجب لذاته أو المستحق للعبودية له وكل منهما كلى انحصر في فرد فلا يكون علما لان مفهوم العلم جزئي. وفيه نظر لانا لا نسلم انه اسم لهذا المفهوم الكلى كيف وقد اجتمعوا على ان قولنا لا اله الا الله كلمة التوحيد ولو كان الله اسما لمفهوم كلى لما افادت التوحيد لان الكلى من حيث انه كلى يحتمل الكثرة (أو تعظيم أو اهانة) كما في الالقاب الصالحة لذلك مثل ركب على وهرب معاوية (أو كناية) عن معنى يصلح للعلم له نحو أبو لهب فعل كذا كناية عن كونه جهنميا بالنظر إلى الوضع الاول اعني الاضافي لان معناه ملازم النار وملابسها ويلزمه ان جهنمى فيكون انتقالا من الملزوم إلى اللازم باعتبار الوضع الاول وهذا القدر كاف في الكناية. وقيل في هذا المقام ان الكناية كما يقال جاء حاتم ويراد به لازمه أي جواد لا الشخص المسمى بحاتم ويقال رأيت ابا لهب أي جهنميا. وفيه نظر لانه حينئذ يكون استعارة لا كناية على ما سيجئ ولو كان المراد ما ذكره لكان قولنا فعل هذا الرجل كذا مشيرا إلى كافر. وقولنا أبو جهل فعل كذا كناية عن الجهنمي ولم يقل به احد. ومما يدل على فساد ذلك انه مثل صاحب المفتاح وغيره في هذه الكناية، بقوله تعالى [تبت يدا ابي لهب]. ولا شك ان المراد به الشخص المسمى بابى لهب لا كافر آخر (أو ايهام استلذاذه) أي وجدان العلم لذيذا نحو قوله. بالله يا ظبيات القاع قلن لنا * ليلاى منكن ام ليلى من البشر (أو التبرك به) نحو الله الهادى، ومحمد الشفيع، أو نحو ذلك، كالتفؤل والتطير والتسجيل على السامع وغيره مما يناسب اعتباره في الاعلام. (وبالموصولية) أي تعريف المسند إليه بايراده اسم موصول (لعدم علم المخاطب بالاحوال المختصة به سوى الصلة كقولك الذى كان معنا امس رجل عالم) ولم يتعرض المصنف لما لا يكون للمتكلم أو لكليهما علم بغير الصلة نحو الذين في بلاد المشرق لا اعرفهم أو لا نعرفهم لقلة جدوى مثل هذا الكلام (أو استهجان التصريح بالاسم أو زيادة التقرير) أي تقرير الغرض المسوق له الكلام. وقيل تقرير المسند وقيل المسند إليه (نحو ورودته) أي يوسف عليه السلام والمرادوة مفاعلة من راد يرود جاء وذهب وكان المعنى خادعته عن نفسه وفعلت فعل المخادع لصاحبه عن الشئ الذى لا يريد ان يخرجه من يده يحتال عليه ان يأخذ، منه وهى عبارة عن التمحل لموافقته اياها. والمسند إليه هو قوله (التى هو في بيتها عن نفسه) متعلق براودته، فالغرض المسوق له الكلام، نزاهة يوسف عليه السلام، وطهارة ذيله، والمذكور ادل عليه من امرأة العزيز أو زليخا، لانه إذا كان في بيتها وتمكن من نيل المراد منها ولم يفعل كان غاية في النزاهة. وقيل هو تقرير للمراودة لما فيه من فرط الاختلاط والالفة وقيل تقرير للمنسد إليه لامكان وقوع الابهام والاشتراك في امرأة العزيز أو زليخا والمشهور ان الآية مثال لزيادة التقرير فقط. وظني انها مثال لها ولاستهجان التصريح بالاسم وقد بينته في الشرح (أو التفخيم) أي التعظيم والتهويل (نحو فغشيهم من اليم ما غشيهم) فان في هذا الابهام من التفخيم ما لا يخفى (أو تنبيه المخاطب على خطاء نحو ان الذين ترونهم) أي تظنونهم (اخوانكم، يشفى غليل صدورهم ان تصرعوا) أي تهلكوا وتصابوا بالحوادث. ففيه من التنبيه على خطائهم في هذا الظن ما ليس في قولك ان القوم الفلاني (أو الايماء) أي الاشارة (إلى وجه بناء الخبر) أي إلى طريقة. تقول: عملت هذا العمل على وجه عملك وعلى جهته أي على طرزه وطريقته يعنى تأتى بالموصول والصلة للاشارة إلى ان بناء الخبر عليه من أي وجه واى طريق من الثواب والعقاب والمدح والذم وغير ذلك (نحو ان الذين يستكبرون عن عبادتي) فان فيه ايماء إلى ان الخبر المبنى عليه امر من جنس العقاب والاذلال وهو قوله تعالى سيدخلون جهنم داخرين ومن الخطاء في هذا المقام تفسير الوجه في قوله إلى وجه بناء الخبر بالعلة والسبب وقد استوفينا ذلك في الشرح. (ثم انه) أي الايماء إلى وجه بناء الخبر لا مجرد جعل المسند إليه موصولا كما سبق إلى بعض الاوهام (ربما جعل ذريعة) أي وسيلة (إلى التعريض بالتعظيم لشأنه) أي لشان الخبر (نحو ان الذى سمك) أي رفع (السماء بنى لنا بيتا) اراد به الكعبة أو بيت الشرف والمجد (دعائمه اعز واطول) من دعائم كل بيت. ففى قوله ان الذى سمك السماء ايماء إلى ان الخبر المبنى على امر من جنس الرفعة والبناء عند من له ذوق سليم. ثم فيه تعريض بتعظيم بناء بيته لكونه فعل من رفع السماء التى لابناء اعظم منها وارفع (أو) ذريعة إلى تعظيم (شان غيره) أي غير الخبر (نحو الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين). ففيه ايماء إلى ان الخبر المبنى عليه مما ينبئ عن الخيبة والخسران وتعظيم لشان شعيب عليه السلام. وربما يجعل ذريعة إلى الاهانة لشان الخبر نحو ان الذى لا يحسن معرفة الفقه قد صنف فيه أو لشان غيره نحو ان الذى يتبع الشيطان فهو خاسر وقد يجعل ذريعة إلى تحقق الخبر أي جعله محققا ثابتا نحو. ان التي ضربت بيتا مهاجرة * بكوفة الجند غالت ودها غول فان في ضرب البيت بكوفة والمهاجرة إليها بماء إلى ان طريق بناء الخبر مما ينبئ عن زوال المحبة وانقطاع المودة. ثم انه يحقق زوال المودة ويقرره حتى كأنه برهان عليه وهذا معنى تحقيق الخبر وهو مفقود في مثل ان الذى سمك السماء إذ ليس في رفع الله السماء تحقيق وتثبيت لبنائه لهم بيتا فظهر الفرق بين الايماء وتحقيق الخبر. (وبالاشارة) أي تعريف المسند إليه بايراده اسم الاشارة (لتمييزه) أي المسند إليه (اكمل تمييز) لغرض من الاغراض (نحو هذا أبو الصقر فردا) نصب على المدح أو على الحال (في محاسنه)، من نسل شيبان بين الضال والسلم وهما شجرتان بالبادية يعنى يقيمون بالبادية لان فقد العز في الحضر (أو التعريض بغباوة السامع) حتى كأنه لا يدرك غير المحسوس (كقوله اولئك آبائى فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا ياجرير المجامع (أو بيان حاله) أي المسند إليه (في القرب أو البعد أو التوسط كقولك هذا أو ذاك أو ذلك زيد). واخر ذكر التوسط؟ لانه انما يتحقق بعد تحقق الطرفين، وامثال هذه المباحث تنظر فيها اللغة، من حيث انها تبين ان هذا مثال للقريب، وذاك للمتوسط وذلك لبعيد، وعلم المعاني من حيث انه إذا اريد بيان قرب المسند إليه يؤتى بهذا وهو زائد على اصل المراد الذى هو الحكم على المسند إليه المذكور المعبر عنه بشئ يوجب تصوره على أي وجه كان (أو تحقيره) أي تحقير المسند إليه (بالقرب نحو هذا الذى يذكر آلهتكم أو تعظيمه بالبعد نحو آلم ذلك الكتاب) تنزيلا لبعد درجته ورفعة محله منزلة بعد المسافة (أو تحقيره بالبعد كما يقال ذلك اللعين فعل كذا) تنزيلا لبعده عن ساحة عز الحضور والخطاب منزلة بعد المسافة. ولفظ ذلك صالح للاشارة إلى كل غائب، عينا كان أو معنى، وكثير ما يذكر المعنى الحاضر المتقدم الحاضر بلفظ ذلك لان المعنى غير مدرك بالحس فكأنه بعيد (أو للتنبيه) أي تعريف المسند إليه بالاشارة للتنبيه (عند تعقيق المشار إليه باوصاف) أي عند ايراد الاوصاف على عقيب المشار إليه يقال عقبه فلان إذا جاء على عقبه. ثم تعديه بالباء إلى المفعول الثاني وتقول عقبته بالشئ إذا جعلت الشئ على عقبه. وبهذا ظهر فساد ما قيل ان معناه عند جعل اسم الاشارة بعقب اوصاف (على انه) متعلق بالتنبيه أي للتنبيه على ان المشار إليه (جدير بما يرد به بعده) أي بعد اسم الاشارة (من اجلها) متعلق بجدير أي حقيق بذلك لاجل الاوصاف التى ذكرت بعد المشار إليه (نحو) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة إلى قوله [اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون) عقب المشار إليه وهو اللذين يؤمنون باوصاف متعددة من الايمان بالغيب واقامة الصلاة وغير ذلك. ثم عرف المسند إليه بالاشارة تنبيها على ان المشار إليهم احقاء بما يرد بعد اولئك وهو كونهم على الهدى عاجلا والفوز بالفلاح آجلا من اجل اتصافهم بالاوصاف المذكورة (وباللام) أي تعريف المسند إليه باللام (للاشارة إلى معهود) أي إلى حصة من الحقيقة معهودة بين المتكلم والمخاطب واحدا كان أو اثنين أو جماعة يقال عهدت فلانا إذا ادركته ولقيته وذلك لتقدم ذكره صريحا أو كناية (نحو وليس الذكر كالانثى أي ليس) الذكر (الذى طلبت) امرأة عمران (كالتي) أي كالانثى التي (وهبت) تلك الانثى (لها) أي لامرأة عمران فالانثى اشارة إلى ما تقدم ذكره صريحا في قوله تعالى [قالت رب اني وضعتها انثى]، لكنه ليس بمسند إليه. والذكر اشارة إلى ما سبق ذكره كناية في قوله تعالى [رب اني نذرت لك ما في بطني محررا]، فان لفظة ما وان كان يعم الذكور والاناث لكن التحرير وهو ان يعتق الولد لخدمة بيت المقدس انما كان للذكور دون الاناث وهو المسند إليه. لخدمة بيت المقدس انما كان للذكور دون الاناث وهو المسند إليه. وقد يستغنى عن ذكره لتقدم علم المخاطب به نحو خرج الامير إذا لم يكن في البلد الا امير واحد (أو) للاشارة (إلى نفس الحقيقة) ومفهوم المسمى من غير اعتبار لما صدق عليه من الافراد (كقولك الرجل خير من المرأة. وقد يأتي) المعرف بلام الحقيقة (لواحد) من الافراد (باعتبار عهديته للذهن) لمطابقة ذلك الواحد مع الحقيقة يعنى يطلق المعرف بلام الحقيقة الذى هو موضوع للحقيقة المتخذة في الذهن على فرد موجود من الحقيقة باعتبار كونه معهودا في الذهن وجزئيا من جزئيات تلك الحقيقة مطابقا اياها كما يطلق الكلى الطبيعي على كل جزئي من جزئياته. وذلك عند قيام قرينة دالة على أنه ليس القصد إلى نفس الحقيقة من حيث هي هي بل من حيث الوجود ولا من حيث وجودها في ضمن جميع الافراد بل بعضها غير معين (كقولك ادخل السوق حيث لا عهد) في الخارج ومثله قوله تعالى [واخاف ان يأكله الذئب] (وهذا في المعنى كالنكرة) وان كان في اللفظ يجرى عليه احكام المعارف من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة وموصوفا بها ونحو ذلك وانما قال كالنكرة لما بينهما من تفاوت ما وهو ان النكرة معناه بعض غير معين من جملة الحقيقة وهذا معناه نفس الحقيقة. وانما تستفاد البعضية من القرينة كالدخول والاكل فالمجرد وذو اللام بالنظر إلى القرينة سواء وبالنظر إلى انفسهما مختلفان ولكونه في المعنى كالنكرة قد يعامل معاملة النكرة ويوصف بالجملة كقوله ولقد امر على اللئيم يسبنى. (وقد يفيد) المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة (الاستغراق نحو ان الانسان لفي خسر) اشير بالام إلى الحقيقة لكن لم يقصد بها الماهية من حيث هي هي ولا من حيث تحققها في ضمن بعض الافراد بل في ضمن الجميع بدليل صحة الاستثناء الذى شرطه دخول المستثنى في المستثنى منه لو سكت عن ذكره فاللام التى لتعريف العهد الذهنى أو الاستغراق هي لام الحقيقة حمل على ما ذكرناه بحسب المقام والقرينة. ولهذا قلنا ان الضمير في قوله يأتي وقد يفيد عائد إلى المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة ولابد في لام الحقيقة من ان يقصد بها الاشارة إلى الماهية باعتبار حضورها في الذهن ليتميز عن اسماء الاجناس النكرات مثل الرجعى ورجعى وإذا اعتبر الحضور في الذهن فوجه امتيازه عن تعريف العهد ان لام العهد اشارة إلى حصة معينة من الحقيقة واحدا كان أو اثنين أو جماعة ولام الحقيقة اشارة إلى نفس الحقيقة من غير نطر إلى؟؟ فليتأمل. (وهو) أي الاستغراق (ضربان حقيقي) وهو ان يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب اللغة (نحو عالم الغيب والشهادة أي كل غيب وشهادة وعرفي) وهو ان يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف (نحو جمع الامير الصاغة أي صاغة بلده أو) اطراف (مملكته) لانه المفهوم عرفا لا صاغة الدنيا.
صفحه ۵۵