وفى هذا تعريض بالشيخ عبد القاهر ورد عليه حيث زعم انه لا يجب في المجاز العقلي ان يكون الاسناد إليه حقيقة لانه ليس لسرتني في سرتني رؤيتك ولا ليزيدك في يزيدك وجهه حسنا فاعل يكون الاسناد إليه حقيقة وكذا اقدمني بلدك حق لى على فلان بل الموجود ههنا هو السرور والزيارة والقدوم. واعترض عليه الامام فخر الدين الرازي: بان الفعل لابد وان يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لاعن فاعل فهو ان كان ما اسند إليه الفعل فلا مجاز والا فيمكن تقديره، فزعم صاحب المفتاح ان اعتراض الامام حق وان فاعل هذه الافعال هو الله تعالى وان الشيخ لم يعرف حقيقتها لخفائها فتبعه المصنف وفى ظنى ان هذا تكلف والحق ما ذكره الشيخ. (وانكره) أي المجاز العقلي (السكاكى) وقال: الذى عندي نظمه في سلك الاستعارة بالكناية بجعل الربيع استعارة بالكناية عن الفاعل الحقيقي بواسطة المبالغة في التشبيه وجعل نسبة الانبات إليه قرينة للاستعارة وهذا معنى قوله (ذاهبا إلى ان ما مر) من الامثلة (ونحوه استعارة بالكناية) وهى عند السكاكى ان تذكر المشبه وتريد المشبه به بواسطة قرينة. وهى إن تنسب إليه شيءا من اللوازم المساوية للمشبه به مثل ان تشبه المنية بالسبع ثم تفردها بالذكر وتضيف إليها شيءا من لوازم السبع فتقول مخالب المنية نشبت بفلان بناءا (على ان المراد بالربيع الفاعل الحقيقي) للانبات يعنى القادر المختار (بقرينة نسبة الانبات) الذى هو من اللوازم المساوية للفاعل الحقيقي (إليه) أي إلى الربيع. (وعلى هذا القياس غيره) أي غير هذا المثال وحاصله ان يشبه الفاعل المجازى بالفاعل الحقيقي في تعلق وجود الفعل به ثم يفرد الفاعل المجازى بالذكر وينسب إليه شئ من لوازم الفاعل الحقيقي. (وفيه) أي فيما ذهب إليه السكاكى (نظر لانه يستلزم ان يكون المراد بعيشة في قوله تعالى فهو في عيشة راضية صاحبها لما سيأتي) في الكتاب من تفسير الاستعارة بالكناية على مذهب السكاكي وقد ذكرناه وهو يقتضى ان يكون المراد بالفاعل المجازى هو الفاعل الحقيقي فيلزم ان يكون المراد بعيشة صاحبها واللازم باطل إذ لا معنى لقولنا فهو في صاحب عيشة راضية وهذا مبنى على ان المراد بعيشة وضمير راضية واحد. (و) يستلزم (ان لا تصح الاضافة في) كل ما اضيف الفاعل المجازى إلى الفاعل الحقيقي (نحو نهاره صائم لبطلان اضافة الشئ إلى نفسه) اللازمة من مذهبه لان المراد بالنهار حينئذ فلان نفسه ولا شك في صحة هذه الاضافة ووقوعها كقوله تعالى [فما ربحت تجارتهم] وهذا اولى بالتمثيل. (و) يستلزم (ان لا يكون الامر بالبناء) في قوله تعالى:، [يا هامان ابن لي صرحا] (لهامان) لان المراد به حينئذ هو العملة انفسهم واللازم باطل لان النداء له والخطاب معه. (و) يستلزم (ان يتوقف نحو انيت الربيع البقل) وشفى الطيب المريض وسرتنى رؤيتك مما يكون الفاعل الحقيقي هو الله تعالى (على السمع) من الشارع لان اسماء إلى تعالى توقيفية واللازم باطل، لان مثل هذا التركيب صحيح شائع ذائع عند القائلين بان اسماء الله تعالى توقيفية واللازم باطل لان مثل هذا التركيب صحيح شائع ذائع عند القائلين بان اسماء الله تعالى توفيقيه وغيرهم سمع من الشارع أو لم يسمع. (واللوازم كلها منتفية) كما ذكرنا فينتفى كونه من باب الاستعارة بالكناية لان انتفاء اللوازم يوجب انتفاء الملزوم. والجواب ان مبنى هذه الاعتراضات على ان مذهب السكاكى في الاستعارة بالكناية ان يذكر المشبه ويراد المشبه به حقيقة وليس كذلك بل مذهبه ان يراد المشبه به ادعاءا ومبالغة لظهور ان ليس المراد بالمنية في قولنا مخالب المنية نشبت بفلان هو السبع حقيقة والسكاكى صرح بذلك في كتابه والمصنف لم يطلع عليه (ولانه) أي ما ذهب إليه السكاكى (ينتقض بنحو نهاره صائم) وليله قائم وما اشبه ذلك مما يشتمل على ذكر الفاعل الحقيقي (لاشتماله على ذكر طرفي التشبيه) وهو مانع من حمل الكلام على الاستعارة كما صرح به السكاكى، والجواب انه انما يكون مانعا إذا كان ذكرهما على وجه ينبئ عن التشبيه بدليل انه جعل قوله لا تعجبوا من بلى غلالته * قد زرا زرارة على القمر من باب الاستعارة مع ذكر الطرفين وبعضهم لما لم يقف على مراد السكاكى بالاستعارة بالكناية اجاب عن هذه الاعتراضات بما هو برئ عنه ورأينا تركه اولى.
صفحه ۴۵