261

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

ناشر

مكتبة الكوثر

شماره نسخه

الخامسة

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

الرياض

ژانرها

قال تعالى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هو في شأن﴾ (١) فمن شانه تعالى أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا وَيُفَرِّجَ كَرْبًا وَيَرْفَعَ قَوْمًا ويضع آخرين، وهذا التفسير علقه البخاري موقوفًا عن أبي الدرداء ﵁.
وقال السين بْنُ فَضْلٍ: هُوَ سَوقُ الْمَقَادِيرِ إِلَى الْمَوَاقِيتِ. وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّقْدِيرَ الْيَوْمِيَّ هُوَ تَأْوِيلُ الْمَقْدُورِ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْفَاذُهُ فِيهِ في الوقت الذي سبق أن يَنَالُهُ فِيهِ، لَا يَتَقَدَّمُهُ وَلَا يَتَأَخَرُهُ، كَمَا أَنَّ فِي الْآخِرَةِ يَأْتِي تَأْوِيلُ الْجَزَاءِ الْمَوْعُودِ إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. ثُمَّ هَذَا التَّقْدِيرُ الْيَوْمِيُّ تَفْصِيلٌ مِنَ التَّقْدِيرِ العمري الأول يوم الميثاق، وهو تفصيل مِنَ التَّقْدِيرِ الْأَزَلِيِّ الَّذِي خَطَّهُ الْقَلَمُ فِي الْإِمَامِ الْمُبِينِ. وَالْإِمَامُ الْمُبِينُ هُوَ مِنْ عِلْمِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ﷿ وَكَذَلِكَ مُنْتَهَى المقادير وآخريتها إلى علم الله ﷿.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: الْإِيمَانُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ النَّافِذَةِ وَقُدْرَتِهِ الشاملة، فما شاء الله كَوْنَهُ فَهُوَ كَائِنٌ بِقُدْرَتِهِ لَا مَحَالَةَ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كن فيكون﴾ (٢)، وَمَا لَمْ يَشَأِ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ لَيْسَ لِعَدَمِ قدرته عليه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كلهم جَمِيعًا﴾ (٣)، ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا﴾ (٤)، ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (٥)، فَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ وُجُودِ الشَّيْءِ هُوَ عَدَمُ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيجَادَهُ لَا أَنَّهُ عجز عنه، تعالى الله

(١) الرحمن: ٢٩.
(٢) يس: ٨٢.
(٣) يونس: ٩٩.
(٤) البقرة: ٢٥٣.
(٥) السجدة: ١٣.

1 / 284