Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
ژانرها
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (١)، وصاحبُ الْبِدْعَةِ لَا يَقْتَصِرُ فِي الْغَالِبِ عَلَى الصَّلَاةِ دُونَ الصِّيَامِ، وَلَا عَلَى الصِّيَامِ دُونَ الزَّكَاةِ، وَلَا عَلَى الزَّكَاةِ دُونَ الْحَجِّ، وَلَا عَلَى الْحَجِّ دُونَ الْجِهَادِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ، لأنَّ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ حَاضِرٌ مَعَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ الْهَوَى وَالْجَهْلُ بِشَرِيعَةِ اللَّهِ، كما سيأتي إن شاء الله.
- وأمَّا أنَّ صَاحِبَ الْبِدْعَةِ تُنْزَع مِنْهُ الْعِصْمَةُ ويوكل إلى نفسه، فإنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ حَسْبَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ كُنَّا قَبْلَ طُلُوعِ ذَلِكَ النُّورِ الْأَعْظَمِ لَا نَهْتَدِي سَبِيلًا، وَلَا نَعْرِفُ من مصالحنا الدنيوية إلا قليلًا، وَلَا مِنْ مَصَالِحِنَا الأُخروية قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ لِزَوَالِ الرَّيْبِ وَالِالْتِبَاسِ، وَارْتِفَاعِ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بين الناس، فَإِذَا تَرَكَ الْمُبْتَدِعُ هَذِهِ الْهِبَاتِ الْعَظِيمَةَ، وَالْعَطَايَا الْجَزِيلَةَ، وَأَخَذَ فِي اسْتِصْلَاحِ نَفْسِهِ أَوْ دُنْيَاهُ بِنَفْسِهِ بِمَا لَمْ يَجْعَلِ الشَّرْعُ عَلَيْهِ دَلِيلًا، فَكَيْفَ لَهُ بِالْعِصْمَةِ وَالدُّخُولِ تَحْتَ هَذِهِ الرَّحْمَةِ؟ وَقَدْ حَلَّ يَدَهُ مِنْ حَبْلِ الْعِصْمَةِ إِلَى تَدْبِيرِ نَفْسِهِ، فَهُوَ حَقِيقٌ بِالْبُعْدِ عَنِ الرَّحْمَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ (٢)، بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (٣) فأشعرَ أنَّ الِاعْتِصَامَ بِحَبْلِ اللَّهِ هُوَ تَقْوَى اللَّهِ حَقًّا، وأنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ تَفْرِقَةٌ، لِقَوْلِهِ: ﴿وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ وَالْفُرْقَةُ مِنْ أَخَسِّ أَوْصَافِ الْمُبْتَدِعَةِ، لأنَّه خَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وباين جماعة أهل الإسلام.
_________
(١) الأنعام: ١٥٣.
(٢) آل عمران: ١٠٣.
(٣) آل عمران: ١٠٢.
1 / 31