الإلحاقات في النسخ الكثيرة، فلم تكن هناك نسخة تخلو من الإلحاق، حتى تعذر التمييز بين الأصل والملحق، ولذلك كان أكثر القدماء شاكين في الأجزاء الكثيرة من الأناجيل، وما قدروا على أن يفصلوا الأمر، ولم تكن المطابع في ذلك الزمان، فكان ملاك النسخ كل واحد يدخل في نسخته ما يشاء من الحكايات والروايات، فإذا نقلت عن هذه النسخة نسخ متعددة وانتشرت، تعذر التحقيق في أن هذه النسخة هل هي مشتملة على كلام المصنف فقط أم لا؟ وصار المرشدون والواعظون يشكون شكاية عظيمة من أن الكاتبين وملاك النسخ حرفوا مصنفاتهم بعد مدة قليلة من تصنيفها، وأن تلامذة الشيطان أدخلوا فيها نجاسة بإخراج بعض الأشياء، وزيادة بعضها من جانبهم، وأن الكتب المقدسة ما بقيت محفوظة، وزالت عنها صفة الإلهام، ومما يدل على أن التحريف في الكتب المقدسة صار عادة معتادة لأهل ذلك الزمان أن المصنفين صاروا يكتبون في آخر كتبهم اللعن والأيمان الغليظة لئلا يحرف أحد كلامهم، ولكن هذا التحريف وقع في سيرة عيسى أيضا، واشتهر لدرجة أن العالم الوثني سلسوس اعترض على النصارى بأن أناجيلهم بدلت ثلاث أو أربع مرات، بل أزيد من ذلك، ولا عجب في ذلك؛ لأن الناس الذين لم يكن لهم استعداد للتحقيق اشتغلوا من وقت ظهور الأناجيل بالزيادة فيها والنقصان منها، وتبديل لفظ بمرادف له، فقد كانوا يبدلون عبارات الوعظ والحالات العيسوية حسب ما يشتهون، وعادة التحريف هذه التي أجراها أهل الطبقة الأولى استمرت في أهل الطبقة الثانية والثالثة، وانتشرت بحيث كان المخالفون للدين
النصراني مطلعين على هذه العادة، وذكر كليمنس إسكندر يانوس في آخر القرن الميلادي الثاني أن أناسا كانت مهمتهم تحريف الأناجيل. وعلق نورتن على كلام أكهارن السابق بأن هذا ليس رأي أكهارن فقط، بل هو رأي كثير من علماء الجرمن، ورغم أن نورتن محام عن الإنجيل، لكنه ذكر سبعة مواضع بالتفصيل في هذه الأناجيل الأربعة، واعترف بأنها إلحاقية محرفة، وذكر أن الكذب اختلط ببيان المعجزات، وأن تمييز الصدق عن الكذب عسير في هذا الزمان. فهل الكتاب الذي اختلط فيه الصدق بالكذب يكون إلهاميا؟! وهل بقي مجال لأحد من أهل الكتاب أن يدعي إلهامية كل كتاب من كتب العهدين أو كل حالة من الحالات المندرجة فيها؟! إننا نحن المسلمين نعتقد أن التوراة الأصلية (المنزلة على موسى ﵇، وكذا الإنجيل الأصلي (المنزل على عيسى ﵇ فقد فقدا قبل بعثة محمد ﷺ، وأن الموجود الآن منهما (أي التوراة والإنجيل) بمنزلة كتابين من كتب السير مجموعين من الروايات الصحيحة والكاذبة، ولا نقول: إنهما كانا موجودين على أصالتهما بدون تحريف إلى عهد نبينا محمد ﷺ ثم وقع التحريف فيهما بعد ظهوره ﷺ، فلا أحد من المسلمين يقول بذلك. وأما بالنسبة لشاول بولس فرسائله مردودة ومرفوضة؛ أنه عندنا نحن المسلمين من الكذابين الذين ظهروا في القرن الأول لإفساد دين المسيح ﵇، وأما الحواريون الذين هم أصحاب عيسى وخلصاؤه، فنعتقد في حقهم الصلاح ولا نعتقد في حقهم النبوة، وأقوالهم عندنا كأقوال المجتهدين
النصراني مطلعين على هذه العادة، وذكر كليمنس إسكندر يانوس في آخر القرن الميلادي الثاني أن أناسا كانت مهمتهم تحريف الأناجيل. وعلق نورتن على كلام أكهارن السابق بأن هذا ليس رأي أكهارن فقط، بل هو رأي كثير من علماء الجرمن، ورغم أن نورتن محام عن الإنجيل، لكنه ذكر سبعة مواضع بالتفصيل في هذه الأناجيل الأربعة، واعترف بأنها إلحاقية محرفة، وذكر أن الكذب اختلط ببيان المعجزات، وأن تمييز الصدق عن الكذب عسير في هذا الزمان. فهل الكتاب الذي اختلط فيه الصدق بالكذب يكون إلهاميا؟! وهل بقي مجال لأحد من أهل الكتاب أن يدعي إلهامية كل كتاب من كتب العهدين أو كل حالة من الحالات المندرجة فيها؟! إننا نحن المسلمين نعتقد أن التوراة الأصلية (المنزلة على موسى ﵇، وكذا الإنجيل الأصلي (المنزل على عيسى ﵇ فقد فقدا قبل بعثة محمد ﷺ، وأن الموجود الآن منهما (أي التوراة والإنجيل) بمنزلة كتابين من كتب السير مجموعين من الروايات الصحيحة والكاذبة، ولا نقول: إنهما كانا موجودين على أصالتهما بدون تحريف إلى عهد نبينا محمد ﷺ ثم وقع التحريف فيهما بعد ظهوره ﷺ، فلا أحد من المسلمين يقول بذلك. وأما بالنسبة لشاول بولس فرسائله مردودة ومرفوضة؛ أنه عندنا نحن المسلمين من الكذابين الذين ظهروا في القرن الأول لإفساد دين المسيح ﵇، وأما الحواريون الذين هم أصحاب عيسى وخلصاؤه، فنعتقد في حقهم الصلاح ولا نعتقد في حقهم النبوة، وأقوالهم عندنا كأقوال المجتهدين
1 / 34