============================================================
ومن ثم لم يتقبل نقاد الحنفية ترتيب ابن كمال باشا الحنفي حيث وضع الامام الجصاص، في الطبقة الرابعة، في تقسيمه لطبقات فقهاء الحنفية: اطبقة أصحاب التخريج من المقلدين: كالرازي وأضرابه، فإنهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلا، لكنهم لإحاطتهم بالأصول، وضبطهم للمآخذ، يقدرون على تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم محتمل لأمرين، منقول عن صاحب المذهب، أو عن أحد من أصحابه المجتهدين برأيهم ونظرهم في الأصول، والمقايسة على أمثاله ونظائره في الفروع"(1) .
نقد بعض فقهاء الحنفية المتأخرين هذا التقسيم(4) وبين ضعف التقسيم وعدم إحقاقه الحق لفقهاء الحنفية، يقول الشهاب المرجاني في صدد حديثه عن مكانة الامام الجصاص: "وهو ظلم عظيم في حقه - الجصاص - وتنزيل له عن رفيع محله وغض منه وجهل بين بجلالة شأنه في العلم، وباعه الممتد في الفقه وكعبه العالي في الأصول، ورسوخ قدمه، وشدة وطأته وقوة بطشه في معارك النظر والاستدلال، ومن تتبع تصانيفه والأقوال المنقولة عنه، علم أن الذين عدهم ابن كمال من المجتهدين من شمس الأئمة ومن بعده (الطبقة الثالثة] كلهم عيال لأبي بكر الرازي - بعد أن ذكر جملة من مناقبه - قال: فكيف ينزل أبا بكر الرازي إلى الرتبة النازلة عن منزلته"(3).
وفاته: توفي رحمه الله تعالى بعد عمر حافل قضاه في التعلم والتعليم، والافتاء والتأليف - ببغداد سنة سبعين وثلاثمائة، عن خمس وستين سنة، وصلى عليه تلميذه أبو بكر الخوارزمي(4).
(1) اللكنوي: النافع الكبير - (مقدمة شرح الجامع الصغير)، ص 5.
(2) وقد سبق ذكر ذلك مفصلا في الحديث عن مكانة الإمام الطحاوي. فراجعه.
(3) الكوثري، حسن التقاضي في سيرة الإمام أبي يوسف القاضي، ص 91، 104، 108.
(4) انظر: الجواهر المضية، 224/1؛ تاج التراجم، ص 96، وساثر كتب التراجم.
صفحه ۷۶