قلت: حاصل جهة السور معية أفراده في ثبوت المحمول لها أو سلبه وذلك يوجب كون الجزئية ذات جهة السور أخص من الجزئية غير ذات جهته لاقتضائها معنى المعية الملزوم للتعدد وعدم اقتضاء الأخرى ذلك فتصق حين لا تعود إلا إن يكون معنى جهة السور عدم افتراق أفراده في ثبوت المحمول له فيتم أمر الجزئيتين.
الشيخ: موضع جهة السور الطبيعي إن تقرن به وموضع جهة الحمل تقدم وذلك في الكليتين الموجبتين ظاهر " ككل إنسان يمكن إن يكون كاتبا " جهة للحمل " ويمكن إن يكون كل إنسان كاتبا " جهة للسور. وإذا قلنا في السلب الكلي " يمكن ألا يكون شيء من الناس كاتبا " كان ذلك بالحقيقة دالا على إمكان عموم السلب لا على عموم الإمكان وكانت الجهة للسور واطلاقة في عموم السلب مجاز والدال عليه حقيقة قولنا " لا واحد من الناس إلا ويمكن ألا يكون كاتبا " و" كل إنسان يمكن ألا يكون كاتبا ".
وتعدد معنى أحد طرفي القضية وتركبه من أجزاء تحمل على كلها يوجب تعددها بجهتها وكيفها وكمها إلا تعددها لتركب موضوعها لا يحفظ كمها لجواز إن يكون بجهتها الجزء أعم من كله وغيره المحمولة لا يعددها " كالبيت سقف وجدار " وعكسه.
وقال المعلم: قد يصدق المحمول جملة الافرادي " كهذه سفينة من الحجر " " والخفاش طير لا طير " العنقاء موجودة في الوهم ولا يصدق الجزء الأول وحده وعكسه كزيد طبيب وزيد ماهر أي في البناء ولا يصدق طبيب ماهر. ورده الشيخ بصدقهما ثانيا بمعناهما أولا وإنما يكذبان بغير معناهما أولا. فقيل قصد المعلم إن الإفراد والجمع يقتضي غير معناهما أولا.
التناقض: اختلاف أمرين يوجب لذاته ثبوت أحدهما فقط. فيدخل تناقض التصورات والمركبات. وقولهم اختلاف قضيتين بالسلب والإيجاب بحيث يقتضي لذاته صدق إحداهما وكذب الأخرى يخرج الأول. وتناقض المركبات الموجبات وان أريد إخراج الأول فاختلاف تصديقين. وشرطه في التصديقات على المشهور ثماني وحدات: وحدة الطرفين والزمان والمكان والشرط والإضافة والكل والجزء والقوة والفعل.
وردها الفارابي والفخر للثلاثة الأول. الفارابي مرة والأثير لوحده النسبة الحكمية. قال وفي قول الفخر وحدة الزمان غير وحدة الطرفين نظر لأن المنخسف وقت التربيع في السالبة ووقت الحيلولة في الموجبة هو المحمول بغير وقته في المكان. فغلطه ابن اندراس بأن وقت الخسوف جهة خارجة عن المحمول تمنع ردها إليه.
قلت: إن جعل الوقت ظرفا للمحمول فكالمكان وان جعل للضرورة امتنع رده إليه واختلاف الجهة وكم المحصورات شرط لكذب الضروريتين وصدق المطلقتين والجزءيتين.
وناقض نصير الدين السمرقندي قول الأثير: اختلاف الجهة شرط، بقوله بتناقض المطلقتين الوقتيتين في وقت معين. فنقيض الضرورية ممكنة عامة، والدائمة مطلقة، والمشروطة العامة ممكنة حينية وهي الممكنة العامة حين وصفها، والعرفية العامة مطلقة حينية وهي المطلقة حين وصفها، والوقتية دون الدوام ممكنة ت، عامة في الوقت المعين والمنتشرة كذلك ممكنة عامة دائمة.
ابن الاندراس: لا تناقض المطلقة الدائمة الأزلية وهي الدائمة كل زمان لصدق " بعض ألوان الإجرام السماوية سواد " ما دامت ذاته موجودة، وهو لون الكسوف صدق " لا شيء من ألوان الأجرام السماوية بسواد " وقت ما سلبا بالفعل.
شيخنا ابن الحباب: هذه هفوة شنعاء وخرق لإجماع العقلاء ومكابرة في بديهي وذكر الزمان في الأزلية باطل عند الاشعري والحكيم. وموضوع القضيتين يختلف إذ لا منافاة بين ثبوت السواد دائما بحسب ذاته وبين سلب ألوان الأجرام السماوية حتى عن لون الجرم الذي يعرض له الكسوف فأنه يصدق عليه انه ليس بسواد بالإطلاق.
قلت: ليس فيما أتى به دليل على تغايرهما اكثر من اجتماعهما على الصدق وهذه دعوى الخصم بل التغاير إن موضوع الأولى من حيث ذاته والثانية ممن حيث كونه مضافا. والمثال المذكور من قول الخونجي في اختلاط الشكل الثاني ومنه انتنرع هذه المقالة.
1 / 7