في زمان هذا المولود ، وأنه سيكون له شأن عظيم ويعمر طويلا ، وقد كانوا رأوا في كتابهم : أنه سيأتي طوفان يغرق الأرض ومن عليها ، فأمر الملك مخويل ببناء المعاقل على رؤوس الجبال لكي يتحصنوا بها ، فعملوا سبع معاقل بعدد الأصنام التي كانت لهم وعلى أسمائها ، وزبروا فيها شيئا من علومهم ، وقيل أن الملك بناها لنفسه خاصة ونبأ الله نوحا عليه السلام على رأس الخمسين سنة بعد المائة ، وأرسله إلى قومه وكان نوح عليه السلام ، آدمي اللون في رأسه طول ، عظيم العينين ، دقيق الساقين والساعدين كثير لحم (1) الفخذين طويل اللحية ، طويلا ، واسع الصدر جسيما ، وهو أول نبي بعد إدريس ، وهو من أولي العزم من الرسل ، عاش ألف وأربعمائة وثلاثين سنة ، ولبث في قومه تسعمائة وخمسين سنة.
* قصة نوح عليه السلام مع الملك وبناء السفينة
لما بلغ من العمر مائة وخمسين سنة نبي وأرسل إلى قومه ، وعاش بعد الطوفان مائتي سنة ، وكانت شريعته التوحيد والصلاة والزكاة والحج ، ومجاهدة بني قابيل ، وكان يدعو قومه إلى الله تعالى ، ويذكرهم نعمته ، ويحذرهم نقمته ، وكانوا يخفون عن الملك أمره ، فإذا حضروا إلى هياكل أصنامهم واجتمعوا حضروا قام بينهم ونادى بأعلى صوته : قولوا : لا إله إلا الله ، وأني عبد الله ورسوله ، فيجعلون أصابعهم في آذانهم ، ويدخلون رؤوسهم في ثيابهم تبرما بقوله ، وكان إذا ناداهم بلا إله إلا الله خرت الأصنام على وجوهها ويؤلمومه بالضرب ، فربما سقط من شدة الإيلام ، فلما طال عليهم الأمر ، وهم تارة يهددوه وتارة يضربونه ، ولم ينته عنهم رفعوا أمره إلى الملك مخويل ، فحبسه على أن يذبحه ويقربه لآلهتهم يوم عيدهم ، وهم أن يفعل بعد أن نادى في الناس أن يجتمعوا / لينظروا ، فدعا عليه فطاش عقله ، وحصل له ضربان وصداع في رأسه واشتغل عنه بنفسه فلازمه ذلك الحال ، ثم هلك في اليوم الثامن ، وكفاه الله مؤنته ، فتولى بعده ، ابنه درمسيل ، فأطلق نوح عليه السلام ، وقال : شأنك ونفسك ، ودع آلهتنا ، وزعم أنه مجنون ، فلما كان يوم عيدهم حضر نبي الله على عادته ، ونادى بأعلى صوته : قولوا : لا إله إلا الله ، وأني عبد الله ، فسبها ، فتساقطت الأصنام ، فقاموا إليه فشجوا رأسه ، وسحبوه ، فاستغاث أهل السماء وأهل الأرض إلى الله تعالى ، فقال الله : كل ذلك بعيني ، وسآخذ له منهم ، فجاء إليه الملك وقال له : ألم أصفح عنك على أن لا تعاود؟ قال : بل أعاود ، فإني عبد مأمور ، فلا يسعني المخالفة.
قال : من أمرك؟ قال : إلهي ، قال : ومن إلهك؟ قال : رب السماوات والأرض وما
صفحه ۴۸