238

فلما فرغ قال : أعندك غير هذا فإني جائع؟

فقلت : نعم. وأتيته بالطعام ، وكان قد استوى ، فأكله.

ثم قال : ائتوني (1) بالطباخين.

فقال : ويلكم ، ما سبب تأخير طعامكم؟

فقالوا : قد استوى.

فقال : أحضروه ، فإني جائع.

فحضر ثلاثون قدرا في غاية العظم فيها ما يكفي جيشا. فلما وضعوه بين يديه أكل منه إلى آخر الناس.

وسبب موته يا أمير [المؤمنين] (2) فيما بعد أن مستوفى ذلك أنه دخل عليه فلاحين معهم أنواعا من الخدمة فرأى من جهة مقعده بغلين محملين ، فقال : ما حمول هؤلاء؟

فقيل : أحدهم بيض مسلوق والآخر تينا.

وكان كلما رفع / السماط من بين يديه وشرعوا يقشروا له البيض والتين ، وهو يأكل بيضة وتينة حتى أفرغوا ما في الحملين ، فانتخم من ذلك ومرض ومات.

** ومن غرائب ما وقع لسليمان أمير [المؤمنين] (2) في موته مما تقدم ذكره :

أنه لبس في يوم جمعة لباسا فاخرا عظيما وطلب عمائما كثيرة ، فلم يزل يلبس واحدة بعد واحدة والمرآة في يده إلى أن أعجبته فلبسها ، ثم أخذ بيده محضرة وصعد المنبر وهو ينظر في أعطافه عجبا ، ثم لما عاد من الجامع وقف بين يديه : أعوانه ، وخدمه ، نظر إليهم وإلى نفسه وقال : أنا الملك المهاب ، المنيع الحجاب ، الكريم الوهاب.

ثم لما دخل إلى بعض حجره تمثلت له بعض جواريه ، فقال لها : كيف ترين أمير [المؤمنين]؟

فقالت : أراه منا النفس ، وقرة العين ، لو لا مقال الشاعر.

فقال : ويلك ، وما مقاله؟

فأنشدت :

صفحه ۲۴۷