والأنعام كلها حلال أكل لحومها، بعد الذباح لها، والتذكية، مع ذكر اسم الله عليها، حل للمحل والمحرم، ولا يحرم منها شيء إلا الميتة والدم منها، وما في كروشها من الفرث وبولها وهي حية أو ميتة، والأنعام وهي الثمانية الأزواج، التي فيها الصدقة، ويضحي بها، ويهدي إلى مكة، إلى غير ذلك، هذه الأنعام المباح أكل لحومها في كل حال، وحرام أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، إلا لمن اضطر إليه فحلال له في حال الاضطرار، أن يأكل قدر ما يبلغه ويحييه، وجاء النهي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، وكل سبع حرام أكل لحمه لهذا الخبر، إلا ما قام بهذا دليله في أنه جائز، وحرام أكل لكل ذي مخلب من الطير بهذا الخبر، ويعرف دليله ليدل ما يغدو به، فأما السباع المحرم أكل لحومها، فهي التي تأكل وتغدوا بالأنجاس والميتة، ولا ترعى الشجر، فهي محرم أكل لحومها، وكذلك الطير الذي إنما غذاؤه أكل الجيف والأنجاس والدود والميتة والدم، ولا يرعى الشجر، ويحمل بمخلبه فهو محرم أكل لحومها، وحرام أكل لحم الحمير الأهلية، لني النبي - عليه السلام - عن ذلك، حتى يصح أنه نهى أدب، قال الله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } * فما نهي عنه فحرام، ولا يحل من الميتة إلا الجراد والسمك بالسنة والاتفاق من الناس على ذلك، ولا تنجس ما وقعت فيه، وكل ميتة لا دم لها إذا وقعت في ماء أو طعام لم تنجسه، وأما الصيد كله حلال أكل لحمه بعد التذكية له، إذا وجد حيا، وإذا اصطاده بجارحة فذكر اسم الله علياه، من سهم أو كلب صيد، وما كان مثله ما يصطاد به فذكر اسم الله عليه، وأسله أكل ما أمسك عليه من الصيد، إن كان حيا ذبحه، وإن أدركه وقد مات وهو ممسوك، أكله، فإن أكل الكلب منه شيئا قيل أن يأخذه، ولم يكن ممسكا، لم يؤكل حتى تدرك ذكاته، وإن وجده حيا ثم مات في يده قبل أن يذبحه، لم يأكل منه لأنه ميتة محرمة، والصيد من الوحوش كلها التي يجوز أكل لحومها، هي التي يكون غذاؤها الشجر، وما أنبتت الأرض، كالأنعام التي ترعى، والصيد من الطير الذي يجوز أكل لحمه هو الصيد الذي يأكل الحب ويرعى بذور الشجر في القرى والقفار، والحب غذاؤه، ولا يأكل الميتة، وأما ما بين ذلك من الهوام فلا أحب أكل لحمه أيضا، وما كان من الهوام من جنس السباع لم يجز أكل لحمه أيضا كالإمحاة والحية وما كان من ذلك الجنس، وأما طير البحر الذي يغذو بالسمك ويرعى الماء فأكله جائز بعد التذكية له، لأنه غذاؤه من الميتة الحلال، ويعيش في الماء، إلا الغراب من ذلك فلا يجوز أكل لحمه لأنه ذو مخلب من ذلك، ولحم صيد البر كله حرام على المحرم في الحل والحرم، ولا يحل له أن يصطاده ولا يأكل لحم صيد حتى يحل من إحرامه، ولا يأكل الصيد في الحرم وإن كان قد أحل من إحرامه حتى يخرج من الحرم قال الله تعالى: { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } .
الباب الثامن والسبعون
صفحه ۱۶۷