في المفقود والمفقود هو الذي يصح أنه كان في صف الحرب ثم ينجلي ولا يدري أمات أو حي أو قتل، والذي يكون في السفينة فتنكسر ثم لا يعلم أحي أم غرق أم مات، والذي يكون في الحريق، والذي يحمله السيل، أو يحمله السبع، فهؤلاء مفقودون، والمفقود مدته أربع سنين، وماله له وهو على حكم الحياة، وارث لكل من مات من ورثته حتى ينقضي أجل فقده، وهو وارث مع الورثة ونفقة زوجته وعياله من ماله إلى مدة الأربع السنين، وليس لوارثة في الأربع السنين في ماله حجة ولا مدخل، فإذا انقضت الأربع السنين أماته أهله، وتقاسموا ماله وطلقت زوجته، واعتدت أربعة أشهر وعشرا، وبانت ولا نفقة لها في عدة الأربعة الأشهر لأن تلك عدة مميتة لا نفقة فيها.
وإذا انقضت الأربعة الأشهر والعشر فلها أن تتزوج، وإن لم يطلها الأولياء فالحاكم، ولا تتزوج إلا بعد الطلاق وانقضاء العدة كما وصفنا، ولها بعد ذلك صداقها من ماله إن كان لها حق عليه، وإن تزوجت امرأة المفقود بعد الأربع السنين وأربعة أشهر وعشرة أيام ولم تطلق فقد اختلفوا في الفراق بينهما، فقال قوم: لا يفرق بينهما، ومنهم من فرق وفي نفسي من الفراق ولا أقدم عليه، لأن ذلك طلاق لا يوجب حكما لو قدم لم يقع موقعه، وإن مات لم يحتج إلى طلاق، والذي يطلق زوجة المفقود لا يجوز له تزويجها، فإن قدم المفقود وقد تزوجت زوجته فإنها تعتزل الزوج الأخير من حين ما علمت بحياة الأول، فإذا قدم المفقود، كان له الخيار إن شاء زوجته، فهي امرأته على النكاح الأول، ولا يقربها حتى تعتد من مطء الأخير، فإن كانت حاملا فحتى تضع ثم بعد ذلك له مجامعتها، وإن لم يخترها واختار الصداق فله أقل الصداقين، وإنما له الخيار بينهما وبين أقل الصداقين الذي عليه والذي من عند الأخير فيأخذه إذا لم يردها وتكون مع زوجها الأخير، ولا عدة عليها منه إذا لم يخترها المفقود، والله أعلم.
صفحه ۲۰۸