دریا و غروب و داستانهای دیگر: انتخابی از داستانهای یوکیو میشیما
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
ژانرها
كان المرسم ذا إضاءة شديدة مبهرة، وفوق المنضدة كانت عدة القهوة التي اعتاد رؤيتها، تلمع متلألئة بفتور، وفوق المنضدة الأخرى التي وضع عليها مفرش مخطط بخطوط فظة، بحيث تتكون عمدا تجاعيد. توجد فواكه، مثل: تفاح، وكمثرى، وبرتقال ما زال أخضر، وثمرة كاكا، وعنب، مكدسة بلا نظام ولا ترتيب. - «ماذا لو جعلتها تفاحا وكمثرى فقط؟ بهذا الشكل ستصبح اللوحة وكأنها دعاية لمحل فاكهة.»
عندما قال تلك الدعابة دون أي تفكير، أحس الشاعر أن الشيء الثمين الذي أحضره معه من غرفته بحرص بالغ ، وقع منه وتفتت إلى شظايا متفرقة. ولكنه لم يكن يعرف ما هو ذلك «الشيء الثمين». ولكن الأمر المؤكد أنه فجأة أصبح في حالة من الضعف النفسي، خالية من أي أمل. - «اخرس وانظر في صمت أيها الشاعر البليد؛ فشعرك الرديء لا يمكن يصبح ولا حتى كدعاية لحانوتي.»
ردت الفتاة بهذا الرد القاسي والعنيف وهي تخفي ضحكاتها بإمالة فكها اللين - الذي على وشك أن يصير مزدوجا من السمنة - لأسفل. جلست على المقعد المنخفض ذي الثلاث أرجل، وعلقت لوح الألوان في إصبع يديها اليسرى. كان رأي الشاعر أن اللوحة التي استمرت الفتاة في رسمها غنية بالبراءة مثل اللوحات التي يرسمها تلاميذ المدارس الابتدائية. ولكن من ناحية الجمال مهما نظرنا إليها فيبدو لوح الألوان المعلق في يديها، والذي يشبه رسما لقوس قزح على خزف زجاجي أبيض، أكثر جمالا بمراحل عديدة. بل ويضاف إلى الرسمة عنصر لوني جمالي آخر هو إصبع بلون وردي في غاية الحيوية يطل من فتحة لوح الألوان.
اعتبر الشاعر شدة انشغال الفتاة في رسم لوحتها أمرا جيدا، وانتهز تلك الفرصة في التلصص على شفتيها وهي تميل لأسفل. تلك الشفاه التي يبدو أن لها طعم فاكهة، أكثر بكثير من أية فاكهة. هل يا ترى توافق لي الفتاة؟ فأنا أرضى ولو حتى بقبلة لمدة ثانية واحدة فقط. بعد القبلة سأهرب على الفور.
يبدو أن الفتاة أصبحت في حيرة من أمرها تجاه ذلك الضيف الثقيل. فلقد أصبحت طريقة إذابة الألوان أكثر حدة. ولا يوجد أي تقدم في رسم اللوحة. ويبدو أنها شخص به قليل من النزعة الهستيرية، فقد وضعت فجأة الريشة التي لم تبلل بعد على فمها، وأخذت تعض عليها، ويبدو أن تلك علامة على التوقف عن الرسم. وفجأة أبعدت الفتاة رأس الريشة عن أسنانها وبدون وعي بدأت تمسح بها على شفتيها.
وظهرت على وجه الشاعر بشكل عفوي ملامح سكر.
قالت الفتاة بصوت ينقصه الرطوبة، وهي تنظر إلى الأمام كما هي دون أن تلتفت إليه: - «لماذا جئت في هذا الوقت المتأخر؟»
وفي غفلة من الزمن، كانت الريشة قد نقعت بلون قرمزي، ثم صبغت بشرة التفاحة . - «الشعر، لأنني لم أستطع كتابة الشعر بإتقان.» - «مثلي تماما. ولكن كما المتوقع أن وجودنا كل على حدة يجعلنا نعمل بشكل أفضل. هل يمكن أن تعود لبيتك؟»
نظرت الفتاة إلى الشاعر وعلى وجهها ابتسامة متميزة ليس بها أية نوايا سيئة. ولكن توقفت عينها على ريشة الإوزة الطويلة التي تطل من جيب جاكته فقالت: «ما هذا؟! هل كنت تنوي كتابة الشعر هنا؟» - «لماذا؟»
للحظة لم ينتبه، ولكنه عندما تتبع مسار نظراتها ورأى قلم الريشة، توردت خدوده بطريقة غير طبيعية وزائدة عن المعتاد، طريقة لا تحدث إلا للشباب الصغير السن. - «آه! قصدك هذا، لقد أحضرته هدية لك.» - «حقا! شكرا لك.»
صفحه نامشخص