دریا و غروب و داستانهای دیگر: انتخابی از داستانهای یوکیو میشیما
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
ژانرها
سبتمبر 1968م
حب راهب معبد شيغا
1
أعتقد أنه لا مفر من أن أتقبل أي لوم أو عتاب بسبب كتابة هذه الحكاية دون إعداد، ودون بذل أي جهد في البحث التاريخي حولها. الشيء الوحيد الذي اعتمدت عليه حتى الآن، هو الوصف الأسطوري المذكور في المجلد السابع والثلاثين من كتاب «تايهيه كي» الأدبي المكتوب في القرن الرابع عشر، وفيه كما يعلم الجميع، مجرد ذكر سريع مختصر لحب راهب معبد شيغا في بلادنا، مقارنة بحادثة «العجوز إيكاكو سن نين» في الهند.
أنا في الواقع كنت أهتم بهذه الحقيقة النفسية البسيطة أكثر من اهتمامي بأحداث ذلك الحب الذي له طبيعته الخاصة. القصة هنا تتعلق بصراع الحب مع الإيمان. هناك الكثير من أمثلة ذلك الصراع في الغرب، ولكنه موضوع نادر في اليابان؛ إذ تتدخل قضية الحياة الآخرة بوضوح في سبب الحب، ليس فقط بالنسبة للراهب، بل كذلك في داخل قلب المرأة المحبوبة، يوجد صراع على احتلال ذلك القلب بين الحياة الآخرة وهذه الدنيا. وإذا تحدثنا بمبالغة في القول؛ فقد تصل عاقبة ذلك الحب إلى حد انهيار البناء الفكري الذي يحمله كلاهما عن العالم. في تلك اللحظة المحورية، تتأسس معالم قصة هذا الحب. في الواقع كانت عقيدة «الأرض الطاهرة»، التي ازدهرت منذ منتصف عصر هييآن،
1
اكتشافا عملاقا لعالم الفكر أكثر منها عقيدة دينية على وجه التحديد.
إن المتع العشر، كما يراها الراهب الكبير إيشين في كتابه «أساسيات الخلاص»، لا تعدو أن تكون قطرة في محيط، مقارنة بمباهج الأرض الطاهرة. والمتع العشر هي: متعة استقبال بوذا، ومتعة تفتح زهرة اللوتس للمرة الأولى، ومتعة الحصول على قدرات إلهية خارقة، ومتعة الحصول على الحواس الخمس مع الجمال الفائق، ومتعة الحصول على متع لانهائية، ومتعة مصاحبة الأهل والأقرباء في النعيم، ومتعة الوجود الدائم مع بوذا، ومتعة مقابلة بوذا والاستماع إلى وعظه، ومتعة تقديم العطايا إلى أشكال بوذا المختلفة بشكل كامل ومتكامل، وأخيرا متعة التقدم في طريق الاستنارة والإشراق، تلك هي المتع العشر.
أما الأرض الطاهرة ففيها جعلت الأرضية من اللازورد، وطرق الأرض الطاهرة مصنوعة من شبكة أحبالها من الذهب. وسطح الأرضية لانهائي ومستو في كل مكان منه، ويوجد داخل كل حرم مقدس، خمسون مليار برج عال مصنوع من الجواهر السبعة: الذهب والفضة واللازورد والبلور والمرجان والعقيق واللؤلؤ. وتمتد أقمشة مدهشة على جميع المنصات المرصعة بالجواهر. وفوق الأبراج العالية عدد وفير من الملائكة على الدوام يعزفون الموسيقى، ويغنون أناشيد مقدسة تعظم بوذا. كما توجد بحيرات للاغتسال في الحدائق التي تحيط بالقاعات والأديرة والقصور والأبراج، وتنتشر في قاع البحيرة الذهبية رمال فضية، وتتناثر في قاع بحيرة اللازورد رمال بلورية، فضلا عن أن البحيرات تغطيها نباتات اللوتس التي تتألق مشعة في ألوان متنوعة. مع هبوب النسيم على سطح الماء، تتحرك أشعة الأضواء الرائعة منتشرة في جميع الاتجاهات. يمتلأ الهواء ليلا ونهارا بأغاني طيور البط، والإوز، وبط الماندرين، والكركي، والطاووس، والببغاء، والكالافينكاس (طائر له وجه امرأة جميلة ذو صوت رخيم). كل هذا وغيره مئات من الطيور المرصعة بالجواهر، تغني بأصوات رقيقة ملحنة في مدح بوذا. ولكن بالطبع مهما كانت رقة الأصوات؛ فإن تجمع تلك التشكيلة من الطيور بهذا العدد اللانهائي، لا بد أن يجعلها في منتهى الإزعاج.
تصطف بساتين من أشجار للجواهر على حدود البحيرة وضفاف الأنهار. وتنعكس الجذوع الذهبية والفروع الفضية والزهور المرجانية على صفحة الماء اللامعة. وتتأرجح في الجو أحبال من الجواهر، وتلك الأحبال معلق بها كثير من أجراس من الجواهر، ويسمع كتاب بوذا المقدس، وآلات موسيقية عجيبة تعزف بمفردها دون أن يمسها مخلوق، وتسمع بعيدا في الفراغ الهائل.
صفحه نامشخص