مختارات من القصص الإنجليزي
مختارات من القصص الإنجليزي
ژانرها
وكان الثلج قد رفع عن الطريق في اليوم السابق، أما الوثيقة التي أمامي فهي حساب الفندق. وهي تشهد شهادة حاسمة بأني أكلت، وشربت، وادفأت، تحت الأغصان الورقية الوريفة الظليلة لشجرة الميلاد سبعة أيام كاملة.
وكنت قد آثرت أن أدع الطريق يتحسن أربعا وعشرين ساعة أخرى لأني احتجت إلى هذه المسافة من الزمن لإتمام عملي. وأمرت أن يبين لي الحساب وأن تكون المركبة معدة أمام الباب «في الساعة الثامنة من مساء الغد.» وكانت الساعة قد بلغت الثامنة من «مساء الغد» لما جمعت أدوات الكتابة التي أتخذها في أسفاري وطويتها في حقيبتها الجلدية، وأديت الحساب، وتعطفت بأرديتي الدافئة، وتلفعت بشملتي. وكان الوقت قد صار أضيق من أن يسمح بالذهاب لإضافة عبرة متجمدة إلى بلورات الثلج التي تكسو البيت الريفي الذي رأيت فيه أنجيلا أول مرة. ولم يبق إلا أن أغذ السير في أقصر طريق إلى ثغر ليفربول وهناك آخذ حقائبي الكبيرة وأركب السفينة. وكفى بهذا عملا، ولا سبيل إلى إرجائه ساعة واحدة.
وودعت كل من عرفت في الفندق - وكدت أودع حيائي أيضا - ووقفت بالباب أراعي الخادم وهو يلف الحبل الذي يشد به حقيبتي إلى المركبة وإذا بمصابيح تقترب سراعا من الفندق. وكان الطريق مغطى بالثلج فلم نسمع للعجلات صوتا، ولكنا جميعا رأينا المصابيح تقبل علينا وتدنو منا بسرعة، بين جدارين من الجليد الذي رفع عن الأرض وصار كوما على كل جانب. وتنبأت الخادمة وصاحت: «توم ... هذه رحلة إلى جريتنا.» وكان توم يعرف أن لها قدرة فطرية على التنبؤ بالزواج وما إليه، فانطلق يعدو ويصيح: «أعدوا الجياد الأربعة الأخرى.» وفي لحظة واحدة صار المكان كله هرجا ومرجا.
وشعرت برغبة في رؤية ذلك السعيد، المحب المحبوب، فتلكأت على الباب حتى بلغه القادمان. ووثب من المركبة رجل براق العين متلفع - ومتلثم - بشملة، فكاد من شدة الوثبة والسرعة فيها يلقيني على الأرض، فالتفت إلي ليعتذر وإذا به «إدوين!»
فصاح وهو يتراجع: «شارل! يا إلهي، ماذا عساك تصنع هنا؟»
فقلت وأنا أتراجع أيضا: «إدوين! ماذا تصنع أنت هنا؟»
وضربت جبيني وأنا أقول ذلك، فأحسست أن لسانا من النار لا يطاق خطف أمام عيني.
فأدخلني إلى القاعة (وكان في موقدها دائما نار فاترة، ولا محرك هناك) حيث وقف المسافرون ينتظرون تغيير الجياد، وقال وهو يرد الباب: «سامحني يا شارل!»
قلت: «إدوين! هل كان هذا جميلا منك؟ وأنا الذي أحبها كل هذا الحب؟ وأنا الذي طويت أضلاعي على هواها كل هذا الزمن؟»
ولم أستطع أن أزيد على ذلك. فراعه أن يقرأ في وجهي ما أكن من الألم والأسى، وقال وهو لا يدري ما في ذلك من القسوة: إنه ما كان يحسب أن يبلغ من قلبي الحزن هذا المبلغ.
صفحه نامشخص