مختارات من القصص الإنجليزي
مختارات من القصص الإنجليزي
ژانرها
16
الذي ينمو حول جذور أشجار البلوط، وكل بيضاء وصفراء وحمراء من الأزهار كالعيون أو النجوم أو الأقمار - نعم، لا شك في أنها تصحبه إذا استطاع أن يهتدي إلى مكانها، - ترافقه إلى الغابة الساحرة، فيرقص لها طول النهار ليسرها. ولمعت عينه بنور البشر والجذل وهو يتخيلها معه، ومضى إلى الغرفة التالية.
وكانت هذه أجمل وأبهى ما رأى. وكانت الجدران مكسوة بالديباج من نسج «لوكا»، وعليه صور الطير، وقد حلي بأزاهير من فضة، وكان الأثاث من الفضة المحلاة بأكاليل الزهر الأرجواني وصور كوبيد، إله الحب، وأمام الموقدين الكبيرين ستران موشيان بصور الببغاوات والطواويس. وكانت الأرض مفروشة بأحجار خضراء لونها كلون البحر، ويخيل للناظر أنها ممتدة ذاهبة إلى غير مدى. ولم يكن القزم وحده في هذه الحجرة فقد كانت هناك في مدخل في آخر الحجرة، من ينظر إليه ويلاحظه، وقد خفق قلب القزم وندت عنه صيحة فرح وبرز إلى النور، فتقدم الشخص الواقف أيضا، ورآه القزم كأوضح ما يكون.
أهذه الأميرة؟! كلا بل هذا شخص بشع مشوه لم ير القزم أبشع من منظره ولم يكن مستوي الخلق كغيره من الناس، بل أحدب متموج الأعضاء ملتويها ضخم الدماغ. أسود الشعر. وعبس القزم لما رأى هذا المخلوق، فعبس مثله. فضحك، فضحك مثله، ووضع يديه في خاصرتيه كما فعل، فانحنى له القزم ساخرا، فرد تحيته بمثلها ، فمشى إليه فتقدم ذاك منه، وكان يقتاس به ويحاكيه في كل خطوة، ويقف إذا وقف. فصاح من سروره بذاك وراح يعدو، وبسط يده، فلمست كف الوحش البشع يده، فخاف وحرك يده يمينا وشمالا، فقلده الذي أمامه، فحاول أن يدفع يده إليه ولكن شيئا أملس صلبا صده عن ذلك. وكان وجه هذا الوحش قريبا منه الآن، فطالعه من عينيه الذعر، فنحى الشعر عن عينيه، فقلده الذي هو أمامه، فضربه بجمع يده، فتلقى ضربة بضربة، فهاج عليه سخطه ومقته، فلم يكن الوجه الذي يراه أقل نطقا بالكراهية والحنق، فتراجع، فارتد ذاك أيضا.
ما هذا؟! وفكر القزم لحظة، ثم أجال لحظه في بقية الحجرة، فرأى عجبا! ذلك أن كل شيء هنا له نظير يقابله في هذا الجدار الذي كأنما هو مصنوع من الماء الصافي. لكل صورة، وكل أريكة، أختها حتى تمثال الإله النائم في فجوة بالجدار إلى جانب الباب له توأم نائم. وحتى تمثال فينوس الفضي القائم في نور الشمس، يمد يده إلى فينوس أخرى ليست دون تلك جمالا.
أهذا هو الصدى؛ لقد نادى الصدى مرة في الوادي، فرد عليه نداءه كلمة كلمة. أفترى الصدى يعابث العين كما يعابث الأذن؟ أفي وسعه أن يجعل عالم التقليد كعالم الحقيقة؟ وهل يتسنى أن يكون لخيال الأشياء لون وحياة وحركة؟ هل يمكن ...؟
وانتفض، ونزع الوردة البيضاء من صدره، ودار فلثمها، فإذا الذي هناك معه وردة كوردته، لا تنقص غلالة واحدة، وإذا هو يلثمها كلثماته، ويضمها إلى قلبه بحركة بشعة وإيماءات ثقيلة.
وفطن إلى الحقيقة فأطلق صرخة يأس، وهوى إلى الأرض يبكي ويعول. إذن هو هذا المشوه الأحدب الكريه المنظر الشتيم الخلق! هو الوحش البشع، وهو الذي كان الأطفال جميعا يضحكون منه - حتى الأميرة التي حسبها تحبه - هي أيضا كانت تسخر منه وتهزأ به، وتضحكها أعضاؤه المعوجة! لماذا لم يتركوه في الغابة حيث لا مرآة تقول له إنه بغيض مشنوء الهيئة؟ ولماذا لم يقتله أبوه بدلا من أن يبيعه ليفضحه؟ وانهمرت الدموع الحارة على خديه، ومزق الزهرة البيضاء، ففعلت صورته مثله ونثرت الغلائل الرقيقة في الهواء، وتمرغت
17
على الأرض، فلما رفع عينه لينظر رأى الألم مرتسما على وجهه، فتسلل راجعا لئلا يرى صورته، وغطى عينيه بيديه - جر رجليه كالجريح، إلى ركن ظليل مظلم وراح يئن ويتوجع.
صفحه نامشخص