قبرس ، وإشغال صاحبها ليفارق عكا . ودهنوا الشواني سودا تشبها بشواني الفرنج ، وعملت عليها أعلام بصلبان حتى إذا رأوها الفرنج يعتقدونها منهم ، فيطمئنوا ، وينالوا هم الفرصة ، فانكسرت بمرسى التمسون بقبرس . وورد كتاب صاحب قبرس إلى السلطان وفيه تقريع بأن شواني مصر خرجت وكسرها الريح ، وهي أحد عشر شينيا . وأمر السلطان أن يكتب جوابه ، فكتب . ومن جملته : قد كنت عرفتنا أن الهواء كسر عدة من شوانينا ، وصار بذلك يتبجح ، وبه سر وتفرح ، ونحن الآن نبشرة بفتح القرين ، وأين البشارة بتملك القرين من البشارة بما كفى الله به ملكنا العين ! ، وما العجب أن يفخر بالاستيلاء على حديد وخشب ، [و] الاستيلاء على الحصون الحصينة هو العجب . وقد قال وقلنا وعلم الله أن قولنا هو الصحيح ، واتكل واتكلنا ، وليس من اتكل على الله وسيفه ، كمن اتكل على الريح . وما النصر بالهواء مليح ، إنما النصر بالسيف هو المليح ، وفي يوم تنشىء عدة قطائع ولا ينشأ لكم من حصن قطعة ، وتجهز مائة قلع ولا يتجهز لكم في مائة سنة قلعة . وكل من أعطى مقذافة قذف ، وما كل من أعطى سيفة أحسن الضرب به ولا عرف . وإن غدمت من بحرية المراكب آحاد ، فعندنا من بحرية المواكب ألوف ، وأين الذين يطعنون بالمجاذيف في صدور البحر من الذين يطعنون بالرماح في صدور الصفوف . وخيولكم المراكب ، ومراكبنا الخيول ، وفرق بين من يجريها كالبحار ومن تقف به في الؤحول ، وفرق بين من يتصيد على الصقور من الخيل العراب ، وبين من إذا افتخر قال تصيدت بمحراب ، فلعن كنتم أخذتم لنا قرية مكسورة ، فكم أخذنا لكم قرية معمورة ، وإن استوليتم على سكان ، فكم أخلينا بلادكم من سكان ، وقد كسب وكسبنا ، فترى أينا أغنم . ولو أن في الملك سكوئا كان الواجب عليه أن سكت وما تكلم .
الاتفاق على أن يكون له عشرة بلاد خاصة ، ويكون للسلطان خمسة بلاد يختارها خاصة ، وبقية البلاد مناصفة ، وحلف لهم السلطان ، وحلف صاحب صور . وعاد السلطان إلى مصر في ثاني عشر ذي الحجة . وتقدم بعمارة الشواني وباشرها بنفسه . وفرق على الأمراء والعساكر ألفين وثمانمائة وخمسين رأسا من الخيل . وأعطى مبلغا لمن لم يعطه فرسة ألف وسبعمائة نفر .
الشام في سنة 670 ه ، وكشف القلاع .
صفحه ۴۷