6 - وحدثني يوسف بن إبراهيم والدي، قال: حدثني إبراهيم بن المهدي عن إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، عن أبيه:
أنه كان مع أبي عبد الله محمد بن علي -أبي الخلفاء- برصافة هشام بعد وفاة أبي محمد علي بن عبد الله، وأنه أقام ثلاثة أشهر برصافة هشام لا يأذن له هشام عليه، إلى أن بلغ أبا عبد الله إجماع مسلمة القدوم على هشام، #15# فتلقاه على أميال من الرصافة، وشكى إليه جفوة هشام وتأخيره الإذن عليه. فقال له مسلمة: ((أرجو أن يزول هذا بقدومي))، وأمره أن يقيم بباب هشام إذا دخل عليه مسلمة، ولا يريم ما أقام مسلمة عنده؛ فأقام أبو عبد الله إلى وقت زوال الشمس.
قال عيسى بن علي: فخرج مسلمة إليه، فقال له: ((قوض رحلك أبا عبد الله! فما لك عند الرجل من خير! لأني خاطبته في أمرك -بعد ما تقضى سلامي عليه-: ((محمد بن علي بن عبد الله على شابكة رحمه برسول الله صلى الله عليه وسلم، يقيم ثلاثة أشهر ببابك فلا يؤذن له عليك؟)). فقال: ((أله عنه أبا سعيد))، فأمسكت حتى حضر الطعام، فأعلمته أني لا أستجيز الأكل وإنه قائم على الباب! فغضب غضبا زاد به حوله، وقال: ((يسمي ابنيه عبد الله وعبد الله، ويرجو بهذا أن يليا الخلافة، ثم يطمع في خير مني! والله لولا ماسة رحمه برسول الله صلى الله عليه وسلم لقطعت من وسطه شبرا)).
ثم عانق أبا عبد الله، قال: ((رسولي إليك صائر)). فرجع أبو عبد الله إلى رحله فقوضه، وبقي في حيرة لعجزه عما ينهضه. ووافاه رسول مسلمة يقول: ((لم أقدر في سفري هذا طول اللبث، وأشهد الله أني ما حملت معي إلا ألفا وثلاثمائة دينار، وقد وجهت إليك بالألف، وخلفت الثلاثمائة لنفقتي)) قال إبراهيم بن المهدي: فحدث بهذا الحديث الرشيد في حديثة الموصل فبكى، وقال: ((وصلت أبا سعيد رحم، والله لا دخلت الرقة حتى أقضي عارفته عندنا!)). فلما وافينا حصن مسلمة، أحصى من فيه من ولده الذكور والإناث فوجدهم أربعين، فأمر لهم بأربعين ألف دينار)).
صفحه ۱۴