45 - وحدثني سهل بن شنيف، قال:
((رجعت [مرة] مع أحمد بن محمد بن مدبر إلى داره، فاستقبلته امرأة فقالت: ((أيها السيد! نحن مائة عيل على فلان المتقبل، وقد ضاع شمله لحبسه، فاتق دعوة تعرج إلى الله منا فيك!))، فقال وهو متهزئ: ((إذا عزمتم على هذا، فليكن الدعاء في السحر فإنه أنجع له))! قال لي سهل: ((فارتعت من الكلمة، فما مضى له شهر حتى تقلد محمد بن هلال الخراج وصرفه عنه، واجتمعا عند أحمد بن طولون، فاهتدى محمد بن هلال إلى ما لم يظن أنه يقف عليه، لأنه أول ما ناظره قال: ((رزق الخراج: كذا وكذا، وأرزاق الدواوين المضافة إليه: كذا وكذا، فهل قبضت جملة هذه الأرزاق؟))، قال ابن المدبر: ((نعم! ما حضرني كتاب أمير المؤمنين بإطلاق جميع الرزق لك؛ لأنه يجوز أن يكون استعملك على جميع الأعمال برزق الخراج وحده)). فانقطع [إلى] ابن المدبر، وطالبه بالمال، فقال: ((ما يلزمني؟)). ورد إلى يد محمد بن هلال، فألبس جبة كانت على بعض الساسة، وأقيم في الطريق على كناسة، وختمت الجبة في عنقه.
((فكان أول من وافاه الامرأة التي قال لها: ((يكون دعاؤك في السحر هو أنجع له))، فقالت: ((جزاك الله يا أبا الحسن خيرا، فقد نفعتنا بأكثر مما ضررتنا؛ لأننا جربنا ما أشرت به فوجدناه أنجع شيء يلتمس [به])). فبكى ومن حوله من الموكلين به، وانصرفت المرأة داعية له)).
صفحه ۷۳