43 - وحدثني أحمد بن أبي يعقوب، قال حدثني أبي، عن جدي واضح، قال:
((سمعت خالد بن سهم، يحدث المنصور -وكان هذا الرجل خاصا بمروان بن محمد الجعدي- فطلب منه مروان جارية له كان يحبها، وتجرم عليه، فأطال حبسه، وأخذ الجارية منه. وكانت ذا رأي ونجدة. فلما استفحل أمر أبي مسلم وكسر عساكر مروان، أخرجه من الحبس ووعده جميلا-، قال خالد:
((كان مروان يضحك من زي المسودة ويقول: ((لو أسرناهم ما بلغنا بهم ما بلغوا بأنفسهم من التشويه والشهرة!)). فلما اضطر إلى مكافحتهم وواقعهم، رأيته قد تهيب معاركتهم، فقال لي: ((يا أبا يزيد! -وما كناني قبل ذلك اليوم-، إني قد ارتعت، فهل ذلك بين في؟))، قلت: ((بلى يا أمير المؤمنين!))، -وكنت أداجنه، ويسرني حؤول أمره، فقال: ((ما أجد قلبي يطيق مواقعتهم!))، فقلت: ((إن كان هذا، فتحصن منهم بالانهزام، فإن خيلك أنجى من خيلهم)).
فانهزم، وتوقف أصحاب أبي مسلم عن طلبه، فلما بلغ إلى سواده قال لي: ((قد عزمت على الدخول إلى بلد الروم)). -وكان من أصوب تدبير له-، فنفست عليه بالرأي، واستعلمت مغالطته فقلت: ((تدخل بأحداث من ولدك وشملك مستجيرين بكافر قد أمن سربه، واستقام أمره؛ ولعل ولدك يروقهم ما يرونه من مملكته، فيحملهم ذلك على التنصر! ولأن تمادى في مسيرك حتى تدخل مصر فتجد فيه الرجال والكراع والمال، تملك بها اختيارك [خير لك]. فركن إلى قولي، فسرنا. فلما دخلنا مصر خرج إلى صعيدها، واستأمنت إلى عامر -لحال كانت بيني وبينه-، وقتل ببوصير الأشمونين)).
صفحه ۶۸