96

محیط برهانی

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

پژوهشگر

عبد الكريم سامي الجندي

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۲۴ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

فقه حنفی
أما الطاهر الذي لا كراهة فيه سؤر الآدمي وسؤر ما يؤكل لحمه سوى الدجاجة المخلاة، أما سؤر الآدمي فلما روي أن رسول الله ﵇ «أُتي بعسلٍ من لبن فشرب بعض وناول الباقي أعرابيًا كان على يمينه فشربه ثم ناول أبا بكر فشربه»، ولأن عين الآدمي طاهرة لا كراهة فيه إلا أنه لا يؤكل لكرامته ولعابه متولد من عينه، فإذا كان عينه طاهر من غير كراهة كان سؤره طاهرًا من غير كراهة أيضًا، ويستوي فيه المسلم والكافر عندنا. وقال الشافعي: سؤر الكافر نجس؛ لأن عين الكافر نجس، قال الله تعالى: ﴿إنما المشركون نجس﴾ (التوبة: ٢٨) فإذا كان عينه نجسًا كان لعابه نجسًا فيكون سؤره نجسًا. وإنا نقول: عين الكافر ليس بنجس، ألا ترى أن وفد بني ثقيف أنزلوا في مسجد رسول الله ﵇ وكانوا مشركين، ولو كان عين الكافر نجسًا لما أنزلوا في المسجد. والآية محمولة على نجاسة اعتقادهم، لا على نجاسة أعضائهم، ونجاسة الاعتقاد لا تؤثر في نجاسة الأعضاء وكذا يستوي فيه الطاهر والمحدث والجنب والحائض لما روي عن عائشة ﵂ أنها قالت: «إن رسول الله ﵇ كان يشرب من الإناء الذي شربت فيه وأنا حائض، فربما كان يضع فمه على موضع فمي»، وعن رسول الله ﵇ أنه قال: «من شرب سؤر أخيه كتب له عشر حسنات» وفي رواية «سبعون حسنة»، ولأنه لم يتحول إلى الماء نجاسة حقيقية لا حكمية ولا أقيم به قربة، أما لم يتحول نجاسة حقيقية لأنه لا نجاسة لشفتيَ الجنب والحائض من حيث الحقيقة، وأما لم يتحول إليه نجاسة حكمية: أما على قول محمد ﵀ فلأن الماء عنده على ما عليه اختيار بعض المشايخ لا يتغير بسبب الاستعمال من حيث أنه يتحول إليه شيء بسبب الاستعمال، وإنما يتغير من حيث أنه يقصد به إقامة القربة على ما مرّ، ولم يوجد ههنا قصد إقامة القربة حتى لو قصد إقامة القربة يفسد الماء عنده. وأما على قول أبي يوسف ﵀ فلأن على أصله الماء إنما يتغير بالاستعمال بقصد إقامة القربة أو برفع الحدث وهو اختيار بعض المشايخ على قول محمد على ما مر، ولم يوجد ههنا واحد منهما. أما قصد إقامة القربة فظاهر، وأما رفع الحدث فلأن الحدث عنده لا يرتفع ههنا على إحدى الروايتين لأجل الضرورة، وعلى الرواية الثانية وهو قول أبي حنيفة ﵀، وإن ارتفع الحدث ولكن لا يحكم بتغير الماء دفعًا للحرج، إذ لو حكم بتغير الماء يحتاج كل من أجنب أو حاضت إلى إناء على حدة، وفيه من الحرج ما

1 / 124