يا نفس:
مرض القلوب من أشد الأمراض، وعلاجه من أصح الأغراض، فيا من مرض فؤاده، ومل عواده، وتراجع الطبيب في الحمى، وأين الطبيب من الأجل المسمى، وأي حكيم لم تصرعه المنون، ثم لم ينفعه القانون؟ وأي طبيب لم تفده الغب (1)، ثم لم ينفعه الطب؟ فعلام ترفعي إلى الحكيم شأنك، وتدلعي لسانك، فتنهي سرك إلى الطبيب، وتشتكي إلى العدو من الحبيب؟ والله لا ينعشك إلا من صرعك، كما لا يحصدك إلا من زرعك، إن كنت وصفت له علة لم يشفها، وإن عرضت عليه كربة لم يقدر على كشفها.
يا نفس:
إياك أن تكوني ممن إذا ذكر بالآخرة قبع قبوع (2) الوسنان في جيب الكسل، وإن ظفر بالحلوة الخضرة وقع وقوع الذباب على ظرف العسل، وهذه علامات المنافقين لهم في المعاصي وثبات، وفي الطاعات سكون وثبات، وفي الطمع حركات قمرية، وفي الورع سكنات زحلية، إذا قلت: حي على الشهوات طاروا إليها خفافا وثقالا، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى.
صفحه ۹۶