يا نفس:
أسعد الناس من ترك لذة فانية، للذة باقية، وأشقاهم من باع جنة المأوى، بمعصية من معاصي الدنيا، وأفضل الناس من عصى ورفض دنياه، وقطع منها أمله ومناه، وكان همه لأخراه، وأبعد الناس من النجاح المشتهر باللهو والمزاح، وأبعدهم (1) من الصلاح الكذوب ذو الوجه الوقاح.
يا نفس:
إياك والهوى فإن أوله فتنة، وآخره محنة، وإياك وحب الدنيا فإنها أصل كل خطيئة، ومعدن كل بلية، فالحازم من لا يغتر بالخدع، والعاقل من لا يغتر بالطمع، ومن باع نفسه بغير الجنة، فقد عظمت عليه المحنة.
يا نفس:
إن مالك لحامدك في حياتك، ولذامك بعد وفاتك، والتقوى عصمة لك في حياتك، وزلفى لك بعد مماتك، والمرء على ما قدم قادم، وعلى ما خلف نادم، وإن النفس التي تطلب الرغائب الفانية لتهلك في طلبها، وتشقى في منقلبها، والتي تجهد في اقتناء الرغائب الباقية لتدرك طلبها، وتسعد في منقلبها.
صفحه ۵۹