مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
ژانرها
سارعوا بملء الأجولة، ثم خرج واحد منهم إلى الطريق لينادي حمالا معه عربة جر يدوية ليحمل المخطوطات إلى منزل أبي بكرين معيجا قبالة مسجد سيدي يحيى. وهناك وضعوا قائمة بما كانوا قد أخذوه من المخطوطات. حسب تقدير القاضي كان معهم حوالي ثمانمائة وثيقة. تمكنوا من العثور على خزانة من الفولاذ، ولكن سرعان ما امتلأت - كانت بعض المجلدات الملفوفة بالجلد ضخمة، وتحتوي على خمسمائة أو حتى ستمائة صفحة - لذا وضعوا بقية المخطوطات في حقيبتي ظهر ضخمتين، ثم قسموا الأغراض بينهم. أخذ كل من بويا وسديدي حقيبة ظهر، بينما أخذ القاضي الخزانة بالإضافة إلى مخطوطتين كبيرتين لم يستطع أن يدخلهما في الخزانة.
كانت الخطة تقضي بأن يسافر كل عميل إلى الجنوب على نحو منفصل، لكن الآن فضل القاضي وسديدي ألا يدعا بويا يذهب بمفرده. تذكر معيجا قائلا: «عندما لاحظا أن بويا بدأ يعطي معلومات عن المهمة، قالا إنهما إن تركاه يذهب بمفرده، قد يفصح عن معلومات أكثر من اللازم وقد تفشل المهمة.» تطوع سديدي أن يغادر أولا. كان من شأنه أن يهاتفهما عندما يكون قد نجح في المرور من نقاط التفتيش؛ ثم يمكن للقاضي وبويا أن يغادرا معا.
مر القاضي بيوم حافل بالتوتر في انتظار مكالمة سديدي. عندما جاءت المكالمة أخيرا، قال سديدي إنه في سيفاري وإنه لم تحدث أية مشكلة. الأشخاص الوحيدون الذين أرادوا أن يفتشوا حقيبة ظهره كانوا رجال الدرك المالي، لكنه قال لهم إنه كان يحمل مخطوطات ملكا للدولة وتركوه يمر. عندئذ انطلق القاضي وبويا في طريقهما. على عكس الحركة الوطنية لتحرير أزواد، لم يكن الجهاديون مهتمين بالحقائب، ومر الاثنان من نقاط التفتيش دون مشاكل. لم يطلب من المسافرين أن يفتحوا كل حقائبهم إلا بعد تخطي سيفاري، في المنطقة الحكومية.
تذكر القاضي: «كانت الشرطة تفتش كل مكان في الحافلة.» ثم أضاف: «أنزلوا كل شيء وفتشوا في كل الأغراض.» راقب جنديا وهو يفتش في متاعه، حتى وصل أخيرا إلى الخزانة المليئة بالمخطوطات. قبل أن يتمكن من فتحها تقدم القاضي ومعه خطاب كان معيجا قد كتبه موضحا أنه كان مسافرا في مهمة تابعة للدولة.
قال الجندي: «أنا لست هنا من أجل أن أنظر في مهمتك.» ثم أضاف: «أنا هنا لأفتش الحقائب.»
لم يكن أمام القاضي من اختيار سوى أن يطلعه على محتويات الخزانة. اتسعت عينا الجندي دهشة. وصاح متعجبا: «آه، إنها مخطوطات!»
كانت تلك لحظة حرجة، لكن القاضي ظل هادئا، وإذ لم يكن يحمل أي شيء غير قانوني، أغلق الجندي الصندوق الفولاذي ببساطة. وقال إن كل شيء على ما يرام، وإن بوسعهما أن يعودا ليركبا الحافلة.
بلغا باماكو في الساعات الأولى من المساء، واتصل القاضي بمعيجا ليعلمه. في اليوم التالي أحضر المخطوطات إلى المكتب الذي كان يعلو متجر السمك والدجاج وأخبر المدير بما حدث.
عندما سمع حيدرة عن الشائعات التي كانت تتناقل في تمبكتو، لم يسره ذلك. تذكر قائلا: «قلت: «حسنا، سنغير الاستراتيجية».» ثم أضاف: «قلت لهم من جديد كيف سيجري الأمر.» •••
ما إن مر أسبوع على عودة القاضي من تمبكتو، حتى كان يتوجه صوب الشمال من جديد، لكن هذه المرة بمفرده. كان سديدي قد استبعد من عملية الإجلاء الثانية هذه بسبب الحساسية التي كان يعاني منها، بينما كان بويا يشكل خطرا أمنيا. كان معيجا قد ذكر القاضي بألا يتحدث مع أي أحد آخر عن مهمته، وبخاصة أفراد أسرته. كل ما استطاع الباحث قوله لزوجته في سيجو هو أنه كان يتعين عليه أن يرحل مجددا لبضعة أيام.
صفحه نامشخص