مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
ژانرها
استمروا في الاتصال بآخرين - سفارات، ومؤسسات، ومنظمات غير حكومية - لكن لم يرغب أحد في أن يضطلع بهذه المهمة الجريئة والمحفوفة بمخاطرة سياسية. تذكر معيجا: «قالت منظمة اليونسكو إن التهريب لم يكن يتلاءم مع نطاق صلاحيتها.» ثم أردف: «قالوا إنهم لن يدخلوا في تلك اللعبة.» •••
في الشمال، كان الجهاديون يعززون من إحكام قبضتهم على تمبكتو. وفي الأسبوع الأخير من أبريل، شاهد المرشد السياحي العاطل عن العمل باستوس موجة نشاط في بنك التضامن المالي (بي إم إس) الخاوي على الناحية الأخرى من الشارع قبالة منزله. من موقع المراقبة الممتاز من حديقة سطح منزله، رأى مجموعة من الجهاديين تصل في شاحنة مكدسة بمراتب وأغطية أسرة كانوا قد أخذوها من فندق لا بالميراي الفاخر، الذي كان فيما مضى مكانا مفضلا لنجوم الغناء الشعبي الذين كانوا يأتون أحيانا إلى تمبكتو. دخلوا البنك المنهوب، وتفقدوا المكان، ونظفوه، وانتقلوا إليه بكل ما كان معهم من أثاث.
أمضى باستوس، الذي لم يكن لديه في الوقت الحاضر ما يفعله سوى الاعتناء بحديقته المشرفة على النهر، معظم العام التالي يشاهد الأنشطة اليومية لجيرانه في المبنى المقابل عبر الشارع. كان معظم من يعيشون فيه من جنود المشاة، ورجال الشرطة، وموظفي الجمارك، والحراس. اختار القادة الإقامة في مكان آخر، لكنهم تعاملوا مع مبنى بنك التضامن المالي باعتباره مكتبا. كان أبو زيد، «الزعيم الكبير»، يصل كل صباح في الساعة الثامنة، ومعه بندقيته الكلاشينكوف معلقة على كتفه وهاتف أقمار صناعية في جيبه، في سيارة يقودها شاب قيل لباستوس إنه ابنه. لم يرتد أبو زيد سوى ثلاثة أطقم من الملابس أثناء مدة الاحتلال كلها، حسبما قال باستوس، ولكنه كان يحمل مبالغ مالية ضخمة: «رأيت الطريقة التي كان ينفق بها المال. كان المال لديهم بلا قيمة.» كان يوجد مقصف في مبنى بنك التضامن المالي، وكل صباح كان أبو زيد يتحدث مع الطاهي حول قائمة الطعام قبل أن يعطي ملاحظات كانت كافية له ليشتري ما احتاجه من السوق. مما أثار حفيظة باستوس أن الطاهي كان كثيرا ما يأتي إليه ويأخذ توابل وأواني من مطبخه. لم يكن بوسع باستوس أن يرفض؛ إذ قال: «فهمت عقليتهم.» ثم أضاف: «إن رفضت، سيظنون أنك ضدهم، وستصبح عدوهم. لذا من الأفضل ألا تقول شيئا.»
كل يوم كان باستوس يراقب أبو زيد يغادر مبنى بنك التضامن المالي في حوالي الثالثة بعد الظهر، وكل مساء كان يشاهد المزيد من صغار المقاتلين يسيرون عبر السقف إلى مبنى مبيت ملاصق. أصبح بإمكانه أن يتعرف على هؤلاء الرجال جيدا، وعرف من لهجاتهم أنهم أتوا من كل أنحاء العالم الإسلامي. بعدما كان نبأ احتلال تمبكتو قد انتشر، كان الجهاديون من كل الجنسيات قد أتوا إلى المدينة. كان كثيرون منهم جزائريين، ولكن كان يوجد أيضا باكستانيون، وصوماليون، ومغاربة، وتونسيون، بل إنه كان يوجد رجل فرنسي، هو جيل لو جوين. كان لو جوين قد أمضى ثلاثين عاما في الأسطول التجاري قبل أن ينتقل إلى الصحراء، معتنقا الإسلام، ومتسميا بالاسم الجهادي الحركي عبد الجليل.
كان يوجد ماليون وسط الجهاديين أيضا، وكان كثيرون منهم قد تحولوا إلى جهاديين على يد الدعاة المتطرفين الذين كانوا يأتون إلى تمبكتو طيلة عقود. وبحسب محمد «حامو» ديديو، وهو باحث تمبكتي معاصر، كان الدعاة قد وصلوا في قوافل يبلغ عددها أربعين، وأقاموا في مساجد المدينة. في البداية كانوا موضع ترحيب. بل إن الناس كانوا يستمعون إلى فلسفتهم وينخرطون معهم في نقاشات دينية. كانوا يدعون الوهابيين، نسبة إلى رجل الدين المتشدد من القرن الثامن عشر محمد بن عبد الوهاب؛ أو السلفيين، نسبة إلى السلف، وهم الأجيال الثلاثة الأولى من المسلمين، الذين قال عنهم النبي: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.» اعتقد الوهابيون السلفيون أن الإيمان النقي للأيام الأولى للإسلام قد لوثته البدع الدينية والتأثيرات الأجنبية، وأنه كان يتعين التخلص منها حتى يعود المسلمون إلى حالتهم الأولى المباركة. ولكن بمرور الوقت، سئم التمبكتيون بقدر كبير من الانتقاد والتعالي، وزادت شكوكهم في وسائل هؤلاء الدعاة. تساءلوا: من الذي كان يمولهم؟ ومن الذي يمكن أن يتحمل أن يقضي ثلاثة شهور بعيدا عن زوجته وعائلته، يعظ في أفريقيا؟ وعندما بدءوا يتكلمون في المساجد، كانت جماعات الناس تقوم واقفة وتنصرف. لكن الزوار لم ييأسوا.
كان بعض السلفيين من المحليين. كان حماها ذو اللحية الحمراء من هؤلاء لكن الأكثر تطرفا كان حامد موسى. كان موسى قد ولد في عائلة من الطوارق على مسافة ليست ببعيدة من المدينة وعاش بعض الوقت في المملكة العربية السعودية قبل أن يعود إلى تمبكتو، عازما على تحويل المدينة إلى طريقته في التفكير. كان غير محبوب على الإطلاق - فحسبما تذكر أحد جيرانه: «كان روحا مظلمة»؛ كان شخصا عنصريا يعتقد أن السود ينبغي أن يكونوا عبيدا وكان يهوى إذلالهم - ولكن كان بإمكانه الحصول على مبالغ مالية كبيرة من أجل مشروعه الراديكالي، وعندما لم تعد مواعظه موضع ترحيب في مساجد المدينة، بنى مسجدا خاصا به. أصبح مسجد موسى ملاذا للراديكاليين والوعاظ الأجانب، وقرر المصلون العاديون الذين كانوا يعيشون في الجوار أنهم سيكونون أكثر أمنا بتأديتهم للصلاة في البيت. ومن أجل أن يجتذبهم للعودة أعطاهم موسى وأصدقاؤه طعاما ومالا بشرط أن يأتوا للاستماع، ودعي الأتباع الأكثر حرصا إلى حضور معسكرات تطرف مدتها أسبوع في الأدغال.
كان آغ الحسيني هوكا، المعروف باسم «هوكا هوكا»، واحدا من التمبكتيين الذين أصبحوا متطرفين بهذه الطريقة. كان رجلا ذكيا، ومعلما في المدرسة الفرنسية العربية، وكان من رسخ إيمانه هو أخوه الكبير محمد عيسى، الذي كان ذا شخصية جادة وعلى معرفة عميقة بالقرآن. عندما كان وعاظ السلفيين يتكلمون، كان عيسى يقول لهوكا وللشباب أن يأخذوا حذرهم. كان يقول: «إنهم يحاولون خداعكم.» لكن عيسى مات في سن مبكرة، وبعد موته، وقع هوكا تحت تأثير موسى. وبدأ يحضر المعسكرات في الأدغال، وسرعان ما أصبح يعظ الناس في مسجد موسى. كان أحمد الفقي المهدي رجلا محليا آخر أصبح من المتحولين إلى السلفية. ولاحقا صار المهدي أول رجل تحكم عليه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التدمير الثقافي.
سارع موسى، وهوكا هوكا، والمهدي إلى الانضمام إلى المتمردين في أبريل 2012؛ وإذ احتاجت الثورة الإسلامية في مالي إلى ماليين مرموقين، منح الثلاثة كلهم أدوارا بارزة في الإدارة الجديدة للمدينة. عين هوكا هوكا القاضي الشرعي، بينما انضم موسى والمهدي إلى الشرطة الإسلامية، وتولى الأخير رئاسة هيئة الحسبة. عهد إلى هؤلاء الثلاثة مهمة فرض قانون العقوبات الجديد بما يتوافق مع التفسير الحرفي للحدود الستة المذكورة في القرآن والسنة:
حد السرقة:
قطع اليد.
صفحه نامشخص