مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
ژانرها
ولملكهم على حمار الملح دينار ذهب في إدخاله المملكة وديناران في إخراجه. وله على حمل النحاس خمسة مثاقيل وعلى حمل المتاع عشرة مثاقيل. [المثقال، وهو المكافئ السوداني للدينار أو الدوقية، كان حوالي 4,25 جرامات من الذهب.] وأفضل الذهب في بلاده ما كان بمدينة غياروا، وبينها وبين مدينة الملك مسيرة ثمانية عشر يوما في بلاد معمورة بقبائل السودان التي مساكنها متصلة ... وإذا وجد في جميع معادن بلاده الندرة من الذهب استصفاها الملك، وإنما يترك منها للناس هذا التبر الرقيق. ولولا ذلك لكثر الذهب بأيدي الناس حتى يهون. والندرة تكون من أوقية إلى رطل.
وفقا للبكري، كان الملك يمتلك ندرة من الذهب في حجم حجر ضخم.
بعد ذلك بثلاثمائة عام، في عام 1374، شرع ابن خلدون، الذي كان قد سافر أسفارا واسعة في شمال أفريقيا وإسبانيا، وعمل في بلاط فاس وغرناطة وتلمسان والقاهرة، في كتابة كتاب ضخم من سبعة مجلدات عن تاريخ العالم. احتوى آخر مجلدات الكتاب، الذي يعرف عادة باسم «تاريخ البربر»، على معلومات قيمة عن غرب السودان، وعن حكام إمبراطورية مالي. وذكر أنه، في حقبته، كانت الإمبراطورية الغانية قد ضمتها مملكة مالي، التي امتدت حتى جاو، على بعد مائتي ميل شرق تمبكتو، وكانت قد صارت «بالغة القوة.» كانت إمبراطورية مسلمة؛ إذ اعتنق ملوك مالي الأوائل الإسلام في القرن الثالث عشر، وحج كثير منهم إلى مكة. أفاض ابن خلدون بوجه خاص في الحديث عن رحلة حج عام 1324 التي أداها مانسا موسى، الذي كان «رجلا مستقيما وملكا عظيما .» وظلت الحكايات عن موسى تحكى في شمال أفريقيا بعد ذلك بخمسين عاما. جلب موسى معه العديد من العلماء المسلمين عند عودته من مكة، ومن ضمنهم الشاعر والأديب الأندلسي أبو إسحاق الساحلي. قال أحد هؤلاء الرفقاء لابن خلدون:
كنا نواكبه أنا وأبو إسحاق الطونجق [الساحلي] دون وزرائه ووجوه قومه نأخذ بأطراف الأحاديث، نتمتع. وكان متحفا في كل منزل بطرف المآكل والحلاوات. والذي تحمل آلته وحربته من الوصائف خاصة اثني عشر ألفا لابسات أقبية الديباج والحرير اليماني.
عاد الساحلي مع الملك إلى عاصمته، حيث تمنى أن يكون له منزل مبني بالكلس، وهو ما كان غير معتاد في أرضه، فنهض الأندلسي بالمهمة، وأقام بناية مربعة الشكل لها قبة. قيل لابن خلدون إنه قد: «استفرغ فيها إجادته. وكان صناع اليدين.» ثم أضاف المتحدث: «وأصفى عليها من الكلس ووالى عليها بالأصباغ المشبعة فجاءت من أتقن المباني. ووقعت من السلطان موقع الاستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم، ووصله باثني عشر ألفا [حوالي 50 كيلوجراما] من مثاقيل التبر مثوبة عليها، إلى ما كان له من الأثرة والميل إليه والصلات السنية.» قيل أيضا إن الساحلي بنى قصرا لموسى في تمبكتو، وأول تجسيد لمسجد جينجربر.
دام حكم موسى خمسة وعشرين عاما، بحسب ابن خلدون، وسرعان ما انهارت الإمبراطورية المالية بعده، أثناء حكم حفيده ماري جاطه. وصف مصدر ابن خلدون، الذي كان قاضيا شرعيا مغربيا، والذي عمل في جاو، ماري جاطه بأنه «كان أشر وال عليهم بما سامهم من النكال والعسف وإفساد الحرم.» أهدر جاطه ثروة الإمبراطورية ب «سرفه وتبذيره»، بل إنه اضطر حتى لبيع حجر الذهب الذي كان أنفس ذخائر الخزانة المالية. وعند وفاته في عام 1373 / 1374، كان الملك في أزمة، ولم يتمكن خلفه، الذي كان حاكما أفضل منه بكثير، من الحفاظ على السلطة. •••
في عام 1841، نشر كولي عمله غير المسبوق «نيجرولاند العرب، مفحوصة ومشروحة». كان أول سرد موثوق فيه عن الجغرافيا التاريخية لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومثل بزوغ فجر فرع جديد من فروع المعرفة، وهو تاريخ غرب أفريقيا. لم يعترض أهل الخبرة اللاحقون على معظم تحديداته لأسماء الأماكن المأخوذة من المؤرخين والجغرافيين العرب في العصور الوسطى، وشكل كتاب «نيجرولاند» أساسا لكل جهود البحث اللاحقة. وعادة ما كان يستمتع بالأخطاء التي كان قد اكتشفها في أعمال الآخرين؛ إذ خلط رينيل بين كانو، في نيجيريا المعاصرة، وغانا، وبرهن كولي على أن الاسمين كانا مختلفين من ناحية الأصل. كذلك أدرك أن «غانا» كانت تمثل مملكة وأيضا اسم الملك نفسه، وأن العاصمة التي أقام بها الحاكم لم تكن دوما نفس المدينة، ولكن ربما كانت «اسما متنقلا» استخدم لوصف أماكن مختلفة في أزمنة مختلفة.
ومع ذلك ظل كولي شخصية محل جدل - «طائر نوء هائج»، على حد وصف أحد النقاد - ولم يكن ثمة اعتراف يذكر بإسهاماته أثناء حياته. بعد وفاته في عام 1883، وصفه التأريخ الرسمي لجمعية هاكلوت، وهي مؤسسة كانت قد أنشئت لنشر روايات المستكشفين لرحلاتهم، بأنه «عبقري غريب الأطوار إلى حد ما.» شككت تأبينات أخرى صراحة في قواه العقلية استنادا إلى آرائه الثابتة على نحو غير عادي. ومع أنه كان قد استنتج على نحو صحيح وجود جبلي كليمنجارو وكينيا، فإنه أصر على أنهما لا يمكن أن يكونا مغطين بالثلوج بعد وقت طويل من رؤية مستكشفين أوروبيين أنهما كانا كذلك، واعتقد أن بحيرتي مالاوي وتنجانيقا الأفريقيتين العظيمتين كان يضمهما مسطح مائي واحد عملاق، على النقيض من مشاهدات ليفينجستون. مات كولي فقيرا في منزل خلف نهايتي السكة الحديدية لمحطتي كينجز كروس ويوستن، في لندن، ولكن عمله عن غرب السودان سيظل واحدا من الأعمال القليلة في تلك الحقبة التي «ترقى إلى مستوى متطلبات الدراسات الحديثة»، كما كتب المؤرخ جون رالف ويليس.
أيضا كان عمل كولي هو العمل المفضل لمستكشف يبدو أنه كان قد أقام معه علاقة احترام متبادل، وهو رجل لم يكن يخلو من ميول كراهية للبشر، بل تشارك مع كولي في ميله إلى الصلف العلمي العنيد. كتب المستكشف: «قبل رحلتي إلى إقليم نهر النيجر، لم تكن توجد أية بيانات معروفة تذكر فيما يخص تاريخ هذه البقعة الواسعة والمهمة ، عدا حقائق قليلة منفردة، توصل إليها السيد كولي بعبقرية وبحث عظيمين.»
كان هذا هو الرجل الذي سيمضي ليميط اللثام عن أسرار أكبر مملكة في تاريخ غرب أفريقيا، وهي إمبراطورية تزامن أوجها مع أوج تمبكتو، وكانت أوروبا على جهل تام بها. كانت المملكة تسمى سونجاي، وكان اسم المستكشف هو هاينريش بارت.
صفحه نامشخص