المحرر الوجیز فی تفسیر الکتاب العزیز
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
ویرایشگر
عبد السلام عبد الشافي محمد
ناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
ویراست
الأولى - 1422 هـ
هذا عرفه في اللغة. قال قتادة: الظلمات الضلالة. والنور الهدى. وبمعناه قال الضحاك والربيع.
وقال مجاهد وعبدة بن أبي لبابة إن قوله: الله ولي الذين آمنوا الآية نزلت في قوم آمنوا بعيسى فلما جاء محمد عليه السلام كفروا به فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: فكأن هذا القول أحرز نورا في المعتقد خرج منه إلى ظلمات. ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص. بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب.
ومترتب في الناس جميعا. وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. ومن كفر بعد وجود الداعي النبي المرسل فشيطانه ومغويه كأنه أخرجه من الإيمان، إذ هو معد وأهل للدخول فيه. وهذا كما تقول لمن منعك الدخول في أمر ما: أخرجتني يا فلان من هذا الأمر وإن كنت لم تدخل فيه البتة.
ولفظة الطاغوت في هذه الآية تقتضي أنه اسم جنس، ولذلك قال أولياؤهم بالجمع، إذ هي أنواع، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، أولياؤهم الطواغيت، يعني الشياطين، وحكم عليهم بالخلود في النار لكفرهم.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : آية 258]</span>
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين (258)
ألم تر تنبيه، وهي رؤية القلب، وقرأ علي بن أبي طالب «ألم تر» بجزم الراء، والذي حاج إبراهيم هو نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح ملك زمانه وصاحب النار والبعوضة، هذا قول مجاهد وقتادة والربيع والسدي وابن إسحاق وزيد بن أسلم وغيرهم. وقال ابن جريج: هو أول ملك في الأرض وهذا مردود. وقال قتادة: هو أول من تجبر وهو صاحب الصرح ببابل. وقيل: إنه ملك الدنيا بأجمعها ونفذت فيها طينته وهو أحد الكافرين. والآخر بخت نصر. وقيل: إن الذي حاج إبراهيم نمرود بن فالخ بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وفي قصص هذه المحاجة روايتان إحداهما: ذكر زيد بن أسلم أن النمرود هذا قعد يأمر للناس بالميرة فكلما جاء قوم قال: من ربكم وإلهكم؟
فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار، فقال له من ربك وإلهك؟ قال قال إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت، فلما سمعها نمرود قال: أنا أحيي وأميت، فعارضه إبراهيم بأمر الشمس، فبهت الذي كفر، وقال: لا تميروه، فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء، فمر على كثيب من رمل كالدقيق، فقال لو ملأت غرارتي من هذا فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أنظر لهما، فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان وجعلا يلعبان فوق الغرارتين ونام هو من الإعياء، فقالت امرأته: لو صنعت له طعاما يجده حاضرا إذا انتبه، ففتحت إحدى الغرارتين فوجدت أحسن ما يكون من الحواري فخبرته، فلما
صفحه ۳۴۵