207

المحلى

المحلى

ویرایشگر

عبدالغفار سليمان البنداري

ناشر

دار الفكر

محل انتشار

بيروت

ژانرها

فقه ظاهری
ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَطْعُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرٌ مِنْ هَذَا قَوْلٌ بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ بَلْ هُمَا حَدِيثَانِ كَمَا وَرَدَا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا كُلُّ حَدِيثٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَنَحْوُ ذَلِكَ -: فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ أَحَادِيثَ إيجَابِ الْوُضُوءِ هِيَ الْوَارِدَةُ بِالْحُكْمِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ الَّتِي هِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَلَوْلَا حَدِيثُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمَا حَلَّ لِأَحَدٍ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ خَصَّصْتُمْ لُحُومَ الْإِبِلِ خَاصَّةً مِنْ جُمْلَةِ مَا نُسِخَ مِنْ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْأَمْرَ الْوَارِدَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ فِيهَا خَاصَّةً، سَوَاءٌ مَسَّتْهَا النَّارُ أَوْ لَمْ تَمَسَّهَا النَّارُ، فَلَيْسَ مَسُّ النَّارِ إيَّاهَا - إنْ طُبِخَتْ - يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْهَا، بَلْ الْوُضُوءُ وَاجِبٌ مِنْهَا كَمَا هِيَ، فَحُكْمُهَا خَارِجٌ عَنْ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَبِنَسْخِ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا أَكْلُهَا بِنِسْيَانٍ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِ أَنَّهُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ [الأحزاب: ٥] فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ وَتَرْكُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ فِي إيجَابِ حُكْمِ النِّسْيَانِ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة مِنْ نَوَاقِض الْوُضُوء مس الرَّجُل الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة الرَّجُل لأي عُضْو]
١٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَسُّ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِأَيِّ عُضْوٍ مَسَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، إذَا كَانَ عَمْدًا، دُونَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ أُمُّهُ كَانَتْ أَوْ ابْنَتُهُ، أَوْ مَسَّتْ ابْنَهَا أَوْ أَبَاهَا، الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ سَوَاءٌ، لَا مَعْنَى لِلَّذَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَّهَا عَلَى ثَوْبٍ لِلَّذَّةِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ، وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الظَّاهِرِ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ﵎ ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْمُلَامَسَةُ فِعْلٌ مِنْ فَاعِلَيْنِ، وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُخَاطَبُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي هَذَا لِأَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ وَآخِرَهَا عُمُومٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا، فَصَحَّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَازِمٌ لِلرِّجَالِ إذَا لَامَسُوا النِّسَاءَ،

1 / 227