324

المحاضرات والمحاورات

المحاضرات والمحاورات

ناشر

دار الغرب الإسلامي

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٢٤ هـ

محل انتشار

بيروت

عشرة غير أبناء جنسه، ويبني النفس كهؤلاء على الكسر، وينصره الله على شيطانه، وَمَا النَّصْرُ
[١]، قلت: فلم شرطوا عليه هيئة السفر إلى الدخول؟ قال: لأنها هيئة مذكرة بالوصول: [مجزوء الرجز]
فيا لها من هيئة ... تنسي الخلاف والطّرب
تفسيرها رياضة ... تعرب عن أصل الأدب [٢]
على أنها في هذا الوقوف، ينشد من قلب عزوف: [المتقارب]
وقوفي على بابهم رفعة ... ويا طول طردي إن لم أقف
ولو لم تكن لي فرعيّة ... إليهم بأصل لقالوا انصرف
قلت: فما معنى توجيه أباريقهم للقبلة؟ قال: هي صورة عبادة في الجملة، وفي المثل الغريب، أباريق الصوفية محاريب: [الكامل]
ساق يسوق إلى السباق محبة ... ويرى شفاء حريقه برحيقه
السّكر كلّ السّكر في كاساته ... والسرّ كلّ السّرّ في إبريقه
قلت: فلم وضع ساقيهم إبهام رجله اليمنى، على إبهام اليسرى؟ قال: فرقا بين خدمة الخالق والمخلوق وذكرى، ففي الصلاة يصفّ قدميه، وفي خدمة القوم يفعل ما أشرت إليه، وعلى الحقيقة فالصوفي لا إبهام لفضله، ولا سبّابة للوسطى من سيرة مثله.
قلت: فلم طوى الخادم للوارد إذا أتاه الطرف الأيسر الأدنى من مصلاه؟ قال:
ليدوس المطويّ بيمناه، وينقل إلى جانبها يسراه، ثم ينقل اليمنى نقلا، ويصفّ اليسرى معها في المصلى، فقد كرموا في هذه الهيئة اليمين، وتميز بها عنهم من يمين [٣]، واتقوا بلل الوضوء بالبطانة، تورية إلى أنّ الوجه أحقّ بالصيانة، وسأدلك على قاعدة يحصل بها من أفعالهم كمال الفائدة، كلما فارقوا فيه بقية الناس، من/ العوائد والسمت واللباس [٤]، فليمتازوا به عن سواهم، فتبارك الذي خلقهم فسوّاهم.
ثم إن الشيخ سالت عبرته، وتوالت حسرته، وغلبه الحال، فأنشد على الارتجال: [الرمل]
ذهب الصّدق وإخلاص العمل ... ما بقي إلا رياء وكسل
غرّك التقصير من ثوبي فان ... قصّر الثوب فقد طال الأمل

[١] أراد الآية: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
آل عمران ١٢٦، الأنفال ١٠، ولم يتمها.
[٢] كلمة (أصل) ساقطة من نسخة ب، في ع: تعرب عن أهل الأدب.
[٣] من يمين: من المين، أي الكذب.
[٤] في ب، ل: والصمت واللباس.

1 / 348