وقال رجل: أنا لا أكذب كذبة بألف، فقال صاحبه: أما هذه فواحدة بلا درهم.
وقيل: أكذب من يلمع أي السراب. قال الشاعر:
أكثر ما يجري على فيه الكذب
وقال بعضهم: أسأت نظرا فأطرفت خبرا وقال: جاء فلان نزهات البسابس «١»، وجاء بالحطب الرطب، أي بمحض الكذب.
وقال الرشيد للفضل بن الربيع «٢»: كذبت، فقال: يا أمير المؤمنين وجه الكذّاب لا يقابلك، ولسانه لا يخاطبك، يعرّض به، لأن الإنسان لا يقابل نفسه ولا يخاطبها فاستحسن تعريضه فأولاه وما جفاه.
وقيل: فلان فيه روغان «٣» الثعلب وطبيعة العقعق ولمعان البرق، أي الحيلة والسرقة والكذب.
قال الشاعر:
كلام أبي مالك كلّه ... صياح الفواخت جاء الرّطب
النهي عن الكذب وذمّه
قال الله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ
«٤»، وقال: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ
«٥»، وقال: إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ
«٦» .
وقيل: الكذب جمّاع النّفاق. وقيل: الكذب عار لازم وذلّ دائم. وقيل: الكذب والحسد والنفاق أثافي.
قال الشاعر:
لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو عادة السوء أو من قلّة الورع «٧»
وقيل: ما عزّ ذو كذب، ولو أخذ القمر بيديه، ولا ذلّ ذو صدق، ولو اتّفق العالم عليه.
وقال ابن عباس ﵄: حقيق «٨» على الله أن لا يرفع الكاذب درجة، ولا يثبت له حجّة. وقال سليمان بن سعد: لو صحبني رجل وقال لا تشترط عليّ إلا شرطا واحدا، لقلت: لا تكذبني.