108

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء

ناشر

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٠ هـ

محل انتشار

بيروت

مفاضلة البديهة والرويّة ومدح الطّبع قال ابن الرومي في الحكم بينهما: نار الرويّة نار غير منضجة ... وللبديهة نار ذات تلويح وقد يفضلها قوم لعاجلها ... لكنّه عاجل يمضي مع الريح وقال معاوية لابن العاص «١»: أنا آدب منك، فقال: أنا للبهدية وأنت للرويّة «٢»، وبينهما بون «٣» . وممّا يؤكد تفضيل البديهة قول العبديّ في وصف البلاغة: أن تصيب فلا تخطىء وتعجل فلا تبطىء. وقيل: خير الفقه ما حاضرت به. وقال الحطيئة: فهذا بديه لا كتحبير قائل ... إذا ما أراد القول زوّره شهرا واجتمع ابن مناذر وأبو العتاهية، فقال أبو العتاهية: كم بيتا تقول في اليوم؟ قال: مقدار عشرة أبيات. فقال أبو العتاهية: فأنا أقول مائتين. فقال: فإنك تقبل من شيطانك نحو: ألا يا عتبة الساعة، أموت الساعة الساعة، ولو أني أقول مثل ذلك لقلت ألوفا. قال المتنبّي: أبلغ ما يطلب النجاح به الطب ... ع وعند التعمّق الزلل المعتذر لرفض طريقة من النسج قيل لنصيّب «٤»: إنك لا تحسن الهجاء، فقال: من ذا الذي لا يحسن مكان عافاه الله أخزاه الله، ولكنّي رأيت الناس ثلاثة رجال: رجلا لم أسأله فلا ينبغي أن أهجوه، ورجلا سألته فمنحني وهو الممدوح، ورجلا سألته فلم يعط. فنفسي أحق بالهجاء إذ سوّلت لي أن أسأله. وقال عبد الملك للعجّاج: بلغني أنك لا تحسن أن تهجو، فقال: من يقدر على تشييد أمكنة يمكنه إخرابها، فقال: ما يمنعك من ذلك؟ قال: أن لنا عزّا يمنع من أن نظلم، وحلما يمنع من أن نظلم، فعلام الهجاء؟ فقال: كلامك أشعر من شعرك.

1 / 112