مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
پژوهشگر
علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَخْذِ فِي التَّأْلِيفِ إلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ، فَالْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ مَبْدَؤُهَا الْخُطْبَةُ بِتَمَامِهَا، وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ لُغَةً الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ: أَيْ التَّعْظِيمِ سَوَاءٌ أَتَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ، وَهِيَ النِّعَمُ الْقَاصِرَةُ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ، وَهِيَ النِّعَمُ الْمُتَعَدِّيَةُ، فَدَخَلَ فِي الثَّنَاءِ الْحَمْدُ وَغَيْرُهُ، وَخَرَجَ بِاللِّسَانِ الثَّنَاءُ بِغَيْرِهِ كَالْحَمْدِ النَّفْسِيِّ، وَبِالْجَمِيلِ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى غَيْرِ الْجَمِيلِ، إنْ قُلْنَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الثَّنَاءَ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَإِنْ قُلْنَا بِرَأْيِ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ فَقَطْ، فَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَحْقِيقُ الْمَاهِيَّةِ أَوْ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهُ كَالشَّافِعِيِّ، وَبِالِاخْتِيَارِيِّ الْمَدْحُ فَإِنَّهُ يَعُمُّ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ، تَقُولُ: مَدَحْت اللُّؤْلُؤَةَ عَلَى حُسْنِهَا دُونَ حَمِدْتُهَا، وَعَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ مُخْرِجٌ لِمَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ نَحْوُ ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] وَمُتَنَاوِلٌ لِلظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ؛ إذْ لَوْ تَجَرَّدَ الثَّنَاءُ عَلَى الْجَمِيلِ عَنْ مُطَابَقَةِ الِاعْتِقَادِ أَوْ خَالَفَ أَفْعَالَ الْجَوَارِحِ لَمْ يَكُنْ حَمْدًا بَلْ تَهَكُّمٌ أَوْ تَمْلِيحٌ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْجَوَارِحِ وَالْجَنَانِ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا فِيهِ شَرْطًا لَا شَطْرًا. وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذِكْرًا بِاللِّسَانِ أَمْ اعْتِقَادًا وَمَحَبَّةً بِالْجَنَانِ أَمْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ كَمَا قِيلَ: [الطَّوِيلُ]
أَفَادَتْكُمْ النَّعْمَاءَ مِنِّي ثَلَاثَةٌ ... يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرُ الْمُحَجَّبُ
مَوْرِدُ اللُّغَوِيِّ هُوَ اللِّسَانُ وَحْدَهُ، وَمُتَعَلَّقُهُ يَعُمُّ النِّعْمَةَ وَغَيْرَهَا، وَمَوْرِدُ الْعُرْفِيِّ يَعُمُّ اللِّسَانَ وَغَيْرَهُ، وَمُتَعَلَّقُهُ تَكُونُ النِّعْمَةَ وَحْدَهَا، فَاللُّغَوِيُّ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلَّقِ، وَأَخَصُّ بِاعْتِبَارِ الْمَوْرِدِ، وَالْعُرْفِيُّ بِالْعَكْسِ. وَالشُّكْرُ لُغَةً هُوَ الْحَمْدُ عُرْفًا، وَعُرْفًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ، وَهَذَا يَكُونُ لِمَنْ حَفَّتْهُ الْعِنَايَةُ الرَّبَّانِيَّةُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] . وَالْمَدْحُ لُغَةً: الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ مُطْلَقًا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ، وَعُرْفًا مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ، فَبَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيَّيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَبَيْنَ الْحَمْدِ وَالْمَدْحِ اللُّغَوِيَّيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ. وَالشُّكْرُ عُرْفًا أَخَصُّ مِنْ الْحَمْدِ وَالْمَدْحِ وَالشُّكْرِ لُغَةً، وَجُمْلَةُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى لِحُصُولِ الْحَمْدِ بِالتَّكَلُّمِ بِهَا مَعَ الْإِذْعَانِ لِمَدْلُولِهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً شَرْعًا لِلْإِنْشَاءِ، وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ، سَوَاءٌ أَجَعَلْتَ فِيهِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ؛ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ - تَعَالَى - وَإِلَّا فَلَا اخْتِصَاصَ
1 / 90