379

مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

ویرایشگر

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۵ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

فقه شافعی
وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ، وَيُكْرَهُ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا.
وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
لِمُوَاظَبَتِهِ ﷺ عَلَيْهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: ٧٩] وقَوْله تَعَالَى: ﴿كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: ١٧] وَهُوَ لُغَةً دَفْعُ النَّوْمِ بِالتَّكَلُّفِ: وَالْهُجُودُ النَّوْمُ. يُقَالُ هَجَدَ إذَا نَامَ، وَتَهَجَّدَ: إذَا أَزَالَ النَّوْمَ بِالتَّكَلُّفِ، وَاصْطِلَاحًا صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ النَّوْمِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَيُسَنُّ لِلْمُتَهَجِّدِ الْقَيْلُولَةُ، وَهُوَ النَّوْمُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّحُورِ لِلصَّائِمِ لِقَوْلِهِ ﷺ «اسْتَعِينُوا بِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
فَائِدَةٌ: ذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ، وَرُوِيَ أَنَّ الْجُنَيْدَ رُئِيَ فِي النَّوْمِ، فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلُومُ، وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ، وَمَا نَفَعَنَا إلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا عِنْدَ السَّحَرِ (وَيُكْرَهُ) قِيَامٌ بِلَيْلٍ يَضُرُّ، وَمِنْ ذَلِكَ (قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا) «لِقَوْلِهِ ﷺ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ الْبَدَنَ إذْ لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ غَيْرَ أَيَّامِ النَّهْيِ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بِاللَّيْلِ مَا فَاتَهُ مِنْ أَكْلِ النَّهَارِ، وَبِمَا قَرَّرْته سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ التَّقْيِيدَ بِكُلِّ اللَّيْلِ ظَاهِرَةُ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ بِتَرْكِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ تَعَلُّقُهَا بِالْقَدْرِ الْمُضِرِّ وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ، وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ اهـ.
أَمَّا مَنْ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَهُ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذُ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ وَجَدَ نُظِرَ إنْ خَشِيَ مِنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا، وَرِفْقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ دَائِمًا عَنْ إحْيَاءِ بَعْضِ اللَّيَالِي كَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْلَتَيْ الْعِيدِ، فَيُنْدَبُ إحْيَاؤُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي لِلِاتِّبَاعِ.
(وَ) يُكْرَهُ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) بِصَلَاةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي» أَمَّا إحْيَاؤُهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخِي خُصُوصًا بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيهَا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ

1 / 463