147

مدخل کبیر

ژانرها

وأما المريخ فإنه ذكر أن طبيعته حارة يابسة محرقة لأن لونه شبيه بلون النار ولأن حرارة الشمس تناله لأنه فوق الشمس فجعل طبيعة الشمس مثل طبيعة النار لأنها تتحرك علوا وأنها تسخن بطبيعتها كل شيء يقرب منها أو يناله حرها كفعل النار وهذا قول فاسد عند من نظر في العلوم الطبيعية لأنهم يزعمون أن الحرارة التي نجدها من الشمس إنما تنفعل من حركتها علينا فالشمس ليس فعلها في الفلك وفي الكواكب كفعل النار في هذه الأشياء الموجودة وهي والكواكب كلها ليس منها شيء يضاف بطبيعته إلى الحرارة ولا إلى البرودة ولا إلى الرطوبة ولا إلى اليبوسة لأنها ليست بمركبة من واحدة من هذه ولذلك أيضا لا تقبل واحدة منها لأنه لا يقبل جسم من الأجسام شيئا من هذه الطبائع إلا ما كان مركبا منها والكواكب كلها على خلاف هذا لأنها أجرام بسيطة فالكواكب إذن لا تقبل شيئا من هذه الأركان الأربعة ولا ذلك في طبيعتها ولو كانت الكواكب تقبل الحرارة من الشمس وتسخن كالأجسام التي نراها عندنا لكانت قد تغيرت ألوانها إلى الاحتراق أو كانت قد احترقت على الأيام والسنين الكثيرة وذكر الزهرة فزعم أنها معتدلة المزاج وأن طبيعتها الحرارة والرطوبة فأما الحرارة فذكر أنها من قبل قربها من الشمس وأما الرطوبة فمن أجل ما يصيبها من البخار الرطب الذي يرتفع من الأرض فأما ما زعم أنه ينالها من البخار الرطب الذي يرتفع من الأرض فإنا نعلم أن فلك الزهرة فوق فلك القمر وقد بينا أن البخار الذي يرتفع من الأرض لا يبلغ فلك القمر فمن أ ين يبلغ فلك الزهرة وأما قوله أنه ينالها حرارة قليلة من الشمس وأنها بطبيعتها حارة لقربها من الشمس فإن كانت الشمس طبيعتها مثل طبيعة النار إنها تسخن كل شيء يقرب منها وإن المريخ إنما صار حارا يابسا لقربه من الشمس فقد كان ينبغي أن يكون الحرارة واليبس على طبيعة الزهرة أغلب وأن لا يكون في طبيعتها رطوبة البتة لأن الشمس كانت تنشف رطو بتها لقربها منها ثم ذكر زحل فزعم أنه بارد يابس وزعم أن برده لبعده من حرارة الشمس وأن يبسه لبعده من رطوبة بخار الأرض وقد أبطلنا فيما تقدم أن يكون الشمس لها فعل في أجرام الكواكب من التسخين وأن يكون الكوكب إذا بعد من الشمس يبرد في ذاته وإذا قرب منها يسخن في ذاته وأن ينال بخار الأرض الكواكب حتى ترطب لقربه منها أو تيبس لبعده عنها فليس إذن برد زحل لبعده من الشمس ولا يبسه لبعده من بخار الأرض

صفحه ۳۵۲