وذلك ظاهر عند العلماء بالطب فأما المرضى فإنما يعرف كثير من حالاتهم من زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه لأن الذين يمرضون في أول الشهر فإن أبدانهم تكون على دفع الأمراض والعلل أقوى والذين يمرضون في آخر الشهر فإن أبدانهم تكون على العلل أضعف فلاختلاف حالات الأبدان في وقت زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه تختلف العلل أيضا فأما حالات المرضى يوما بيوم فإنما تعرف من مسير القمر في كل يوم ومن بلوغه إلى تسديس وتربيع ومقابلة مكانه يمنة ويسرة والأيام التي يكون فيها القمر في هذه المواضع تسمى الأيام المعلومة فمن حال القمر في هذه الأيام يعرف حال المريض
فأما أصحاب البحر والذين يريدون معرفة الأنواء فإنهم ينظرون إلى الاجتماع والامتلاء فيجعلونه كالأصل ثم ينظرون إلى بلوغ القمر من ذلك الوقت إلى هذه الأيام والمواضع المعلومة التي سميناها فيعرفون منها حال الرياح والغيوم والأمطار والحر والبرد فأما شعر الحيوان فإنه ما دام القمر زائدا في ضوئه فإنه يسرع نباته ويغلظ ويكثر فإذا نقص القمر أبطأ نباته ولم يكثر ولم يغلظ
وللقمر فعل في الإنسان الحي أيضا لأنه إذا أطال الإنسان القعود أو النوم في القمر بالليل تولد في بدنه الكسل والاسترخاء وهيج عليه الزكام والصداع وأيضا فإذا كانت لحوم الحيوان له ظاهرة بالليل فإنه يغير رائحتها وطعمها فأما ما كان من الأشياء الحيوانية باردا رطبا أبيض كاللبن والدماغ وبياض البيض وغير ذلك من الأشياء الباردة الرطبة فللقمر فيها آثار بينة لأن الحيوانات تكثر ألبانها في الضروع وتغزر من أول الشهر إلى نصفه ما دام القمر زائدا في الضوء فإذا نقص ضوء القمر نقصت غزارتها ولم تكثر
وكذلك أدمغة رؤوس الحيوان يزيد فيها ويتكون في أول الشهر أكثر مما يتكون في آخر الشهر وكذلك بياض البيض فإن البيض الذي ينعقد في أجواف الطير في وقت زيادة القمر في ضوئه يكون أوفر بياضا وأكثر من الذي يحدث في جوفه في آخر الشهر
صفحه ۳۳۶