واعلم أن القمر إنما يكون طلوعه وحركة الفلك له من المشرق إلى المغرب وأن جرية ماء المد إنما تكون على جهة حركة الفلك للقمر وأن الجزر يكون على جهة جريته من المغرب إلى المشرق فالرياح التي تهب من الناحية التي يطلع منها القمر هي مقوية لجرية ماء المد والرياح التي تهب من الناحية التي يغرب فيها القمر هي مقوية لجرية ماء الجزر وقد ذكرنا فيما تقدم أن المد والجزر اللذين يكونان والقمر في نصف الفلك الأعلى إن زمان أحدهما مثل زمان الآخر وكذلك يكون إذا كان القمر في نصف الفلك الأسفل يكون زمان أحدهما مثل زمان الآخر من جهة دلالة القمر الطبيعية إلا أنه يعرض لهما في بعض الأوقات أعراض فيكون القمر في نصف الفلك الأعلى أو في نصف الفلك الأسفل ويكون زمان أحدهما أطول أو أقصر من زمان الآخر
والذي يعرض للمد في طول زمانه من جهتين فالجهة الأولى التي بسببها يكون زمان المد طو يلا أن تكون أدلاء كثرة ماء المد وقوته كثيرة فتدوم حركة ماء المد وشدة جريته وغلبته وحميته إلى أن يجوز الوقت الطبيعي الذي دل عليه القمر فيطول لذلك زمان المد وقد ذكرنا هذه الأدلاء فيما تقدم والجهة الثانية أن يكون في وقت المد رياح قوية عاصفة مقوية لجرية ماء المد فيطول لذلك زمان المد أيضا فإذا اجتمعت هاتان الدلالتان أفرطتا في طول زمان المد
صفحه ۳۰۸