87

وبتاريخ 5 شعبان 1342 الموافق 11 آذار 1924 بويع جلالته بالخلافة وأصدر المنشور التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسين بن علي

الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله أفضل الصلاة والتسليم وعلى آله وصحبه وكافة أنبيائه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أما بعد فإني أسأله الرأفة والرحمة بعباده والتوفيق، وأن يجعلنا هادين مهتدين غير ضالين ولا مضلين، فإنه هو الرحيم المنان الكريم. ثم إنه لما كانت الإمامة الكبرى والخلافة العظمى نظام عقد الأمة وسند قوام الملة، وكان أمر صيرورتها وكيفيتها وما جرى فيها مدونا ومنقولا عمن تلقينا عنهم ديننا القويم، وكان كل ما جرى من بعد عهدهم السعيد في كيفية حقوقها وصلاحيتها وسائر معاملاتها إلى يومنا هذا موضحا في تواريخ العالم الإسلامي وسيره المثيرة، فإقدام حكومة أنقرة على ذلك المقام المكرم كيفما كان شكله، جعل أولي الرأي والحل والعقد من علماء الدين المبين في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى وما جاورها من البلدان والأنصار يفاجئوننا ويلزموننا بيعتهم بالإمامة الكبرى والخلافة العظمى، حرصا على إقامة شعائر الدين وصيانة الشرع المبين أبسطه لعدم جواز بقاء المسلمين أكثر من ثلاثة أيام بلا إمام كما يفهم صراحة من توصية الفاروق الأكرم رضي الله عنه لأهل شورى البيعة بعده كيفما كانت صيغة تلك الإمامة وأشكالها إلى الآن.

وعليه ولما كانت المملكة الهاشمية والقطعة المباركة الحجازية مهد الإسلام ومحل ظهوره ومطلع نوره، وكانت مصونة بعنايته تعالى من كل شائبة في حالتيها السابقة والحاضرة، ولا سيما العمل فيها بأحكام كتاب الله وسنة رسوله بجميع خصوصياته وعمومياته وانطباق حكم البيعة المشروعة من المبايع والمبايع له انطباقا لا يتصور حصوله في أي مملكة أخرى في الوقت الحاضر، كان حقا علينا إجابة ذلك الطلب الديني المشروع بعد الاتكال على الله سبحانه واستمداد روحانية نبيه

صلى الله عليه وسلم .

لذلك قبلنا البيعة متوكلين عليه عز وجل، مستمدين منه الغوث والعون والتوفيق لما يحبه ويرضاه، وإننا نرجوه سبحانه وتعالى أن يكون هذا الأمر الذي قضى في حكمته الأزلية وقدرته الصمدانية وأظهر حكمة قوله تعالى:

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

مضاعفا إلهاماتنا باتباعنا مسلك السلف الصالح.

صفحه نامشخص