ثم استقال توفيق باشا، ولما لم يقبل إبراهيم باشا الوزارة أحببنا توجيهها إلى حامد الوادي باشا، فحالت بعض الظروف دون ذلك؛ فأولينا ثقتنا سمير باشا الرفاعي، وهو من نتاج شرق الأردن، حيث تمرن وتقلب من عهد الركابي باشا إلى أن نال الرئاسة وهو بالقرب من الرؤساء وليس بالبعيد منا؛ ولكن كانت مدة وزارته قصيرة، ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
وإنا لنرجو من الوزارة الحاضرة، المتحلية برئيسين سابقين التوفيق في كل الأمور وبالأخص في أمر الوحدة السورية التي بها يتم استقرار بلاد العرب، ودوام أمرها وسلامتها من الأخطار السياسية وما في التجزئة من وهن وضعف.
المعتمدون البريطانيون
بعد أن تشكلت الإدارة في شرقي الأردن على شكلها المعلوم برئاسة رشيد بك طليع، عين مستر أبرامسون معتمدا بريطانيا لدى هذه الإمارة، وكان على ما يظهر في العقد الخامس من سنه، وهو رجل محترم وقور، فمكث في المعتمدية نيفا وستة أشهر.
ولما حضر الكولونيل لورنس إلى عمان ومعه حداد باشا للنظر في المعاهدة الحجازية الإنكليزية، بقي وكيلا للمعتمد إلى أن تهيأت الأسباب فعين مستر فلبي معتمدا بشرقي الأردن، وهو معروف لدى العرب، على شيء كثير من الإخلاص في البلاد التي يعمل فيها.
ومن جملة ما أذكر له - كفكرة ظريفة - في إحدى الليالي، وقد كان في المجلس شخص طلب أن يكتب كل من حضر المجلس جملة أدبية في دفتره، فكتب مستر فلبي البيت المشهور لعبيد بن الأبرص:
ساعد بأرض ما دمت فيها
ولا تقل إنني غريب
وهذا شاهد على ما قلت، وإن إخلاصه للملك عبد العزيز بن سعود يكاد يفوق إخلاصه لملكه وبلده. وقد سافر معي إلى لندن في السفرة الأولى، ولم يأل هنالك جهدا في القيام بواجبه، ولقد كان بيننا أحيانا ما يكدر صفو الوداد لصلف يبدو منه، ولقد كان هنا يوم شرف الوالد المرحوم شرقي الأردن وحين البيعة للخلافة، ولقد حرض الناس وحض عليها.
ثم استبدل بالكولونيل كوكس وهذا الأخير له شخصية إدارية، ولا يحب إلا أن يعمل مع أشخاص يرتاح إليهم، وكان زمن بدئه عمله زمن حظ سيئ لشرقي الأردن وللبيت الهاشمي من حيث هو. فمكث تلك المدة الطويلة، ولولا الصبر والحكمة التي من الله بها علينا لكان الامتزاج معه من المستحيلات.
صفحه نامشخص