لم أكن أهرب إلى عالمي الصغير حتى تجرجرني أمي إلى المطبخ وهي تقول: مصيرك إلى الزواج. يجب أن تتعلمي الطبخ. مصيرك إلى الزواج. الزواج! الزواج!
تلك الكلمة البغيضة التي كانت ترددها أمي كل يوم حتى كرهتها، ولم أكن أسمعها حتى أتمثل أمامي رجلا له بطن كبير في داخله مائدة طعام.
ارتبطت في ذهني رائحة المطبخ برائحة الزوج.
وكرهت اسم الزوج، وكرهت رائحة الأكل. •••
سكتت جدتي العجوز عن الثرثرة ونظرت إلى صدري، ورأيت عينيها المتآكلتين تتأملان البرعمين الجديدين البارزين وتزنهما. ثم رأيتها تهمس لأمي بشيء.
وسمعت أمي تقول لي: ارتدي الفستان اللبني لتدخلي وتسلمي على الضيف الذي مع أبيك في الصالون.
وشممت رائحة مؤامرة في الجو.
وكنت أقابل معظم أصدقاء أبي وأقدم لهم القهوة، وأحيانا أجلس معهم وأسمع أبي وهو يحدثهم عن تفوقي في المدرسة، فأشعر بالفرحة وأحس أن أبي باعترافه بذكائي ينتشلني من دنيا النساء الكئيبة التي تفوح منها رائحة البصل والزواج.
ولكن لماذا الفستان اللبني؟ ذلك الفستان الجديد الذي أكرهه. في صدره كشكشة غريبة تستقر على نهدي وتزيد من بروزهما.
ونظرت إلي أمي تتفحصني، وقالت: أين الفستان اللبني؟
صفحه نامشخص