الكشكول
نحن نأسف كل الأسف لما حل ببطل الحوذيين الأسطى حنفي، ونبتهل إلى الله أن يمن عليه بالشفاء العاجل، وأن يعاود كتابة مذكراته، فيخدم القراء بقلمه لا بكرباجه.
إن نطاق الصحف يتسع لكاتب قدير كالأسطى حنفي، يكتب في الأخلاق وفي الآداب، ويريح الجمهور من السياسة التي بدأ يمجها الذوق؛ لأنها أصبحت شغل الجميع، وإن كان لا يحسن ممارستها أحد.
لقد كان التحرير يحسد الكرباج على الأسطى حنفي، ولا بد أن يكون ما حدث له نتيجة حسد كل الحوذيين له وحقدهم عليه، شفاه الله وقدره على مزاولة التحرير للاستفادة من مذكراته وآرائه الناضجة.
المذكرة السادسة عشر
لقد نفدت من الموت بأعجوبة، كما يقول كبار الكتاب، أو أن يد الموت فرقت بنط، كما يقول أسيادنا اللعيبة، وعلى هذا تأجلت مهمة «عزرائيل» إلى مصادمة أخرى مع إحدى تلك البيوت المتحركة التي تجوب طرق العاصمة بسرعة المفتخر، وحينئذ إذا صح أن مصرعي سيكون بهذا الشكل، تصعد الروح إلى خالقها مدهوسة مفرومة مدشدشة، وبالاختصار جاهزة.
لنمت جميعا وليحيا السيد يسن والصبان وإخوانه وشركاهم. «لمني» عمال جمعية الإسعاف الذين حضروا بسرعة البرق، كأنهم كانوا على موعد، أو أن السواق اتفق معهم وباشروا مهمتهم كما قيل لي؛ لأني كنت في عالم آخر، ولا أطول عليك أيها القارئ، فقد نقلت من هناك إلى قسم عابدين، ومن القسم إلى قصر العيني، وهو مفترق الطرق، فأما من هناك إلى سيدك زينهم، وربك يرحم الجميع، أو تريد العناية أن أخرج حيا، وهو ما حصل ولله الحمد.
ستصل إليك هذه المذكرة يا بو داود مع أخينا التمرجي؛ لأنهم منعوني من الخروج بالرغم من أن الجرح ابتدأ «يلم» وربك يبارك في عمر علي بك إبراهيم وإخوانه زي «اللهاليب» في الشغل، والمشرط في إيديهم طالع نازل، وها أنا أروي لك ما حصل بعد ما دخلت.
لقد «ملصوني» من ملابسي، ودخلت في ثلاث قطع جديدة لم يعهدها جسمي من قبل، جلابية وقميص ولباس، وعلى رأسي طاقية مكتوب عليها بحروف سوداء
D. P. H.
صفحه نامشخص